[حكم من رد نصوص من الكتاب والسنة]
  كلها لا يكون به المكلف مسلماً إلا إذا عرى عن خصلة من خصال الشرك، فتأمل جميع ذلك تعلم الحق.
  فأما(١) كون دارهم يصير بذلك دار حرب، ولو كان المؤمنون موجودين فيها فالذي يدل عليه أنهم أهل شوكة الدار والسيف والمنبر لهم، والمعلوم من دين النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يأمر بالدعاء إلى الإسلام قبل القتال، وعلى ذلك جرى إجماع المسلمين، وظهور الإسلام مع ذلك لا يخرج الدار عن حكم دار الحرب.
  دليل ذلك: مكة حرسها الله تعالى بالصالحين من عباده، كانت قبل الهجرة دار حرب وفيها رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمون يظهرون دينهم ولا يكتمونه، ويتهددون الكفار في بعض الأحوال بالقول والفعل، كما فعل حمزة - أسد الله - في رأس الكفر أبي جهل - لعنه الله - شجّه بالقوس في نادي بني مخزوم، ولم يقدروا أن يغيروا عليه(٢)، وكذلك سعد بن أبي وقاص ضرب مشركاً فيها بلحي جمل ميت فشجّه شجة، وهو أول من أسال دم الكفار في دعوة النبي صلى الله عليه وآله، فلم يخرجها ذلك عن أن تكون دار حرب، وكذلك بعد هجرة النبي صلى الله عليه وآله، كان يسلم الجماعة فيها، ويظهرون إسلامهم، فلم تخرج بذلك عن حكم أهل الحرب، وهذا هو(٣) قول القاسمية والناصرية لا خلاف بينهم فيه، وهو قول محققي المعتزلة ومحصلي العدلية فيما سبق من الأعصار، حكى معنى
(١) في (ب): وأما.
(٢) انظر الرواية بالتفصيل في أمالي الإمام أبي طالب ص ٢٢٦ - ٢٢٨، برقم (١٨٦)، وسيرة ابن هشام ١/ ١٨٤ - ١٨٥ تحقيق عمر محمد عبد الخالق.
(٣) هو: زيادة في (ب).