مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[وجوب تعريف الناس بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

صفحة 85 - الجزء 1

  بالأدلة القاطعة؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ الله وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ}⁣[البقرة: ١٥٩]، وقوله صلى الله عليه وآله: «من كتم علماً مما ينفع الله به⁣(⁣١) في أمر الدين ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نارٍ»⁣(⁣٢) ويجب تعريفهم ولو ظن أنهم لا يمتثلون؛ لأن الآية والخبر لم يفصلا؛ ولأن الله سبحانه قد أوجب على رسله تبليغ أحكامه وإن علموا أنها لا تقبل منهم، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ}⁣[البقرة: ٦]، فقال تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ على الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}⁣[النساء: ١٦٥]، بأن يقولوا كما حكى الله سبحانه [في قوله سبحانه]⁣(⁣٣): {مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ}⁣[المائدة: ١٩]، وقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى}⁣[طه: ١٣٤]، والاقتداء بالرسل À في ذلك فرض لازم؛ لقوله تعالى بعد ذكره لعدة من الأنبياء تفصيلاً: {وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ}⁣[الأنعام: ٨٧] إجمالاً: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}⁣[الأنعام: ٩٠].

  ووجه الاحتجاج بذلك أن الآية مخرجها خاص، ومعناها عام، كقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أو كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ...}⁣[الإسراء: ٢٣] الآية، فقوله تعالى: {فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفّ} مخرجه خاص، ومعناه عام بدليل أول الآية وهو قوله تعالى: {أَلاَّ


(١) في (ب): مما ينفع الله الناس.

(٢) أخرجه بلفظه الإمام أبو طالب في أماليه ص ٢٠٥ برقم (١٤٢) بسنده عن أبي سعيد الخدري، والحديث عزاه في موسوعة أطراف الحديث النبوي ٨/ ٥٢٠ إلى سنن ابن ماجة برقم (٢٦٥)، وهو بلفظ: «من كتم علما مما ينفع الله به الناس في أمر الدين ...» في إتحاف السادة المتقين (١: ٣٤٥)، وفي الدر المنثور (١: ١٦٢)، وفي كنز العمال برقم (٢٩٠٣١) وفي غيرها.

(٣) ما بين المعكوفين: سقط من (أ).