[وجوب تعريف الناس بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
  بالأدلة القاطعة؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ الله وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ}[البقرة: ١٥٩]، وقوله صلى الله عليه وآله: «من كتم علماً مما ينفع الله به(١) في أمر الدين ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نارٍ»(٢) ويجب تعريفهم ولو ظن أنهم لا يمتثلون؛ لأن الآية والخبر لم يفصلا؛ ولأن الله سبحانه قد أوجب على رسله تبليغ أحكامه وإن علموا أنها لا تقبل منهم، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ}[البقرة: ٦]، فقال تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ على الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء: ١٦٥]، بأن يقولوا كما حكى الله سبحانه [في قوله سبحانه](٣): {مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ}[المائدة: ١٩]، وقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى}[طه: ١٣٤]، والاقتداء بالرسل À في ذلك فرض لازم؛ لقوله تعالى بعد ذكره لعدة من الأنبياء تفصيلاً: {وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ}[الأنعام: ٨٧] إجمالاً: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}[الأنعام: ٩٠].
  ووجه الاحتجاج بذلك أن الآية مخرجها خاص، ومعناها عام، كقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أو كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ...}[الإسراء: ٢٣] الآية، فقوله تعالى: {فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفّ} مخرجه خاص، ومعناه عام بدليل أول الآية وهو قوله تعالى: {أَلاَّ
(١) في (ب): مما ينفع الله الناس.
(٢) أخرجه بلفظه الإمام أبو طالب في أماليه ص ٢٠٥ برقم (١٤٢) بسنده عن أبي سعيد الخدري، والحديث عزاه في موسوعة أطراف الحديث النبوي ٨/ ٥٢٠ إلى سنن ابن ماجة برقم (٢٦٥)، وهو بلفظ: «من كتم علما مما ينفع الله به الناس في أمر الدين ...» في إتحاف السادة المتقين (١: ٣٤٥)، وفي الدر المنثور (١: ١٦٢)، وفي كنز العمال برقم (٢٩٠٣١) وفي غيرها.
(٣) ما بين المعكوفين: سقط من (أ).