[التوحيد]
  والحكيم لم يزل قبل فعله للمتقن المصنوع، فليس هكذا غيره تبارك وتعالى أحد، ولذلك ليس مثله ولا له كفؤ كما قال سبحانه ولا ند، وهو الصمد المصمود، والصمد في اللسان العربي فهو المقصود في المهمات المعمود، وذلك في لغة العرب وأشعارها مفهوم موجود، قال شاعر بني أسد في الجاهلية، وهو يذكر سيدا لهم فجعتهم به المنية:
  ألا بكر الناعي بخير بني أسد ... بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
  وقد ذكر بعض جهلة الشيعة أن بعض أهل البيت كان يفسر الصمد: الملتئم الذي لا جوف له، وهذا كذب الرواية، لا يتوهم أن عالما من آل محمد صلى الله عليه وعلى آل بيته وسلم يقوله، ولا يثبت إلى من ذكروا مثله.
  فهذه جملة من التوحيد كان يقول بها أبي |، لا يجوز جهلها في معرفة الله سبحانه، إلا أنه كان يكتفي المتعلم الجاهل بمختصر مما ذكرنا، يعتقده ولا يسعه إغفاله ولا أن يجهله.
  فإذا قال قائل: بل بجملة قريبٌ مأخذها وفهمها، كانت كافية له فيما بينه وبين ربه جل ذكره، حتى يقرّ بها قولا، ويعتقدها في ضمير قلبه فهماً، فيعلم أن الله سبحانه واحد أحد فرد، لا شبه [له] ولا نظير من كل ما خلق وفطر، مِن ملك مكرم، ولا جآن ولا إنس من بني آدم، وأنه خلاف كل نور من الأنور، لأنه أكرم وأعظم من كل نور، وأنه فوق المعظمات من المخلوقات، لا مثل له ولا شبيه - لكرمه وعظمته - في الأرض ولا في السماوات، كلما