مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب الإيمان

صفحة 159 - الجزء 1

  يَخشَى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ}⁣[فاطر: ٢٨]، وقال ابن مسعود: «رأس الخشية خشية الله»، وقال مسروق: «كفى المرء العلم أن يخشى الله»، وإنما العلم هو العلم بالله، والعلم بالله هو رأس العلم، وهو خشية الله ومراقبته، والإجلال لمقامه، وشدة الحياء منه، ولذلك قال الله: {إِنَّما يَخشَى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ}⁣[فاطر: ٢٨].

  والوجه الثالث من الخوف: هو خوف النار وما أوعد الله به أهل المعصية والمتعدين لحدوده، لقوله: {بَلى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَت بِهِ خَطيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدونَ}⁣[البقرة: ٨١]، والنجاة لمن أحاط به هذا الوعيد الشديد المسارعة إلى التوبة على من ندب الله إليه وحدَّه من قوله: {إِنَّمَا التَّوبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذينَ يَعمَلونَ السّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتوبونَ مِن قَريبٍ فَأُولئِكَ يَتوبُ اللَّهُ عَلَيهِم وَكانَ اللَّهُ عَليمًا حَكيمًا}⁣[النساء: ١٧]، ثم قال: {وَلَيسَتِ التَّوبَةُ لِلَّذينَ يَعمَلونَ السَّيِّئَاتِ حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قالَ إِنّي تُبتُ الآنَ وَلَا الَّذينَ يَموتونَ وَهُم كُفّارٌ}⁣[النساء: ١٨]، فأخبر سبحانه أنه لا يقبل توبة عند الموت لكافر، ولا لفاجر من أهل الصلاة، فإذا لم يقبل التوبة التي بها يكون الغفران، فقد حق وعيد الله عليهم، وكذلك قال النبي صلى الله عيه وآله وسلم: «التوبة