باب الإيمان
  موافقة الله سبحانه في محبته، لقوله: {بَل تُؤثِرونَ الحَياةَ الدُّنيا ١٦ وَالآخِرَةُ خَيرٌ وَأَبقى ١٧}[الأعلى: ١٦ - ١٧]، ولقوله تعالى: {وَالباقِياتُ الصّالِحاتُ خَيرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوابًا وَخَيرٌ مَرَدًّا}[مريم: ٧٦]، فآثروا حب ما أحب الله من الآخرة، وتهاونوا بما هان على الله وهي الدنيا، فأنزلوها من قلوبهم حيث أنزلها الله لبغض الله لها، وتهاونوا بطلبها لهوان من آثرها.
  والذي زهد له الزاهدون أربع خصال:
  فمنهم: [من] زهد لخلة.
  ومنهم: من زهد لخلتين.
  ومنهم: من زهد لثلاث.
  ومنهم: من زهد لأربع خلال.
  فأعلاها عند الله موافقة الله عند محبته وهو التهاون بالدنيا وأهلها، والترك لما في أيديهم إذ هان ذلك كله على الله ولم يرضه لأوليائه وأحبائه، فمن ذلك قوله في قصة يوسف #: {وَشَرَوهُ بِثَمَنٍ بَخسٍ دَراهِمَ مَعدودَةٍ وَكانوا فيهِ مِنَ الزّاهِدينَ}[يوسف: ٢٠]، قال بعضهم: «لم يعرفوا كرامته على الله فهان عليهم»، فسمى الله التهاون: زهدا.
  وقال في قصة قارون: {فَخَرَجَ عَلى قَومِهِ في زينَتِهِ قالَ الَّذينَ يُريدونَ الحَياةَ الدُّنيا يَا لَيتَ لَنا مِثلَ ما أوتِيَ قارونُ إِنَّهُ لَذو حَظٍّ عَظيمٍ ٧٩ وَقالَ الَّذينَ أوتُوا العِلمَ وَيلَكُم ثَوابُ اللَّهِ خَيرٌ لِمَن آمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا وَلا يُلَقّاها إِلَّا الصّابِرونَ ٨٠}[القصص: ٧٩ - ٨٠]، فجعل الله أهل العلم هاهنا