باب ما يعرف به المؤمن والخاطر
  قال عثمان بن عفان، وعقبة بن عامر: عن النبي ÷ قال: «من صلى ركعتين لا يحدث نفسه فيهما بشيء من أمر الدنيا، خرج من ذنوبه كما ولدته أمه»، يعني به: الصغائر مع اجتنابه الكبائر، والأخبار في هذا تكثر، فرحم الله من وعى وانتفع.
  فيجب على العاقل إذا قام للصلاة أن يعلم من يناجي إنما يناجي رب العزة، فيجب عليه أن يجمع قلبه كأنه قائم على الصراط وعن يمينه الجنة وعن يساره النار وخلفه الموت وقدامه الموقف، ويستيقن أنه مسئول عن جميع حركاته وسكونه، وأن يعلم أن ربه قد أمره بذلك، فيجب عليه أن يكون خاضعا ذليلا بين يديه، محبة منه لرضاء الله وتعظيما له وهيبة لجلال عظمته، فاعمل وانتفع بما سمعت ولا تغير، أعاننا الله وإياك على طاعته.
باب ما يعرف به المؤمن والخاطر
  والذي يعرف به المؤمن ويفصل به بين الخاطر من الله والخاطر من الشيطان، أن ما كان من الله دعاء إلى الطاعة وتحرك عليها، وما كان من الشيطان فصارف عن ذلك وداع إلى ترك الطاعة، والتهاون بما يجب فيها، فأهل المراقبة لله إذا أحسوا ذلك أزالوه بالخشية والخوف من الله، وأمدهم الله بالمعونة وأجزل لهم من التأييد، فسهل بذلك عليهم محاربة عدوهم، وتضعيف كيده في قلوبهم، {إِنَّ كَيدَ الشَّيطانِ كانَ ضَعيفًا}[النساء: ٧٦]، و {تَذَكَّروا فَإِذا هُم مُبصِرونَ}[الأعراف: ٢٠١]، وأما أهل