مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب الإيمان

صفحة 190 - الجزء 1

  وقال النعمان بن بشير: عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: «تدع زينة الحياة الدنيا، وتؤثر ما يبقى على ما يفنى، ثم قال: هنالك استحيا العبد من الله، وهنالك أصاب العبد ولاية ربه».

  فقد فسر النبي ÷ أن حقيقة الحياء من الله حفظ الرأس وما حوى، يريد بذلك ما فيه من السمع والبصر واللسان والشم، ألا يجعل ذلك كله إلا في موضعه وما خلق له. فلا يسمع إلا ما يعنيه، ولا ينظر إلا بما يزينه عند الله، ولا ينظر إلا معتبرا، ولا يشم إلا مباحا، وأراد بذلك البطن وما وعى، يريد بذلك العقل، وذلك أن العقل مسكنه القلب، فلا يستعمل عقله إلا فيما يرجع عليه نفعه في معاده، وقال: «والبطن وما وعى»، يريد بذلك كلما أضمر عليه القلب من معرفة الله، والنصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، ويريد بـ «البطن - أيضا - وما وعى»، كلما أدخل جوفه لا يكون إلا حلالا طيبا، ويريد بذلك الفرج لأنه من الجوف كما قال النبي ÷: «أخوف ما أخاف عليكم شهوته،