مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب الإيمان

صفحة 194 - الجزء 1

  فإنه لا يصلح إلا بهما»، وقال: «الحياء والإيمان يجريان طلوعا فإذا خرج أحدهما اتبعه الآخر».

  وكذلك يجب في كل ما عمل لله أن يكون أعلا الأمور وأرفعها قدرا في قيمتها وثمنها، ويكون له خالصا لابتغاء مرضاته دون من سواه، فإنه قد قال بعض الحكماء: «ينبغي للعبد أن ينظر ما هو أي: أليس هو عبد ذليل يتعبد». وعلى ما هو أي: على ما هو مقيم على ما خُلق له وأُمر به، أم على ما لم يُخلق له ولم يُؤمر به، وقد نُهي عنه ورُغِّب في غيره، وفيم هو أي فيم هو من الأعمال التي يعملها، لم يعملها لله مخلصا لا يريد بها غيره، ولا يطلب المنزلة بها إلا عنده جل ثناؤه، أم ليقال: ما أورعه وأكفه وأقبله على شأنه!

  وكذلك ينظر لمن تكلم لله أم لغير الله، فيما وجب عليه الكلام فيه، أو فيما لا يعنيه، أو فيما قد نهي عنه، وعلام لا يتكلم عن أن يتقرب إلى الله بكلامه، ويقضي به ما يجب من حقه، فيما أوجب عليه من النهي عن معصيته، أو ليقال: ما أشد غضبه لله! وأقومه بواجب حق الله!

  وكذلك ينظر لمن يصمت لأنه لا يحل له الكلام، أم ليقال: ما أطول صمته! وأكفه عن دخوله فيما لا يعني!. وعلام يصمت أعلى ما قد وجب عليه الصمت فيه؟ أم فيما قد وجب عليه الكلام فيه؟ أم ليقال: ما أطول صمته