باب الإيمان
  عليها، فما ظنك بحيائهم منه فيما لم يطلق لهم؟! أو يكونوا على نقصان في حدود الحياء من أجل ارتكابه، فقد فسرنا أوجه الحياء من الله، فبذلك فليقتد أهل العلم بالله والمراقبة له وأهل الإجلال لمقامه.
  والوجه الثاني من المراقبة هو مراقبة الموت ومخافة أن يفوتهم ما أملوه من ثواب الله ربهم، فهم يعاملونه بالجد والاجتهاد مبادرة الفوت، لأنهم فهموا عن ربهم ما ندبهم إليه، فقال جل ثناؤه: {وَالَّذينَ يُؤتونَ ما آتَوا وَقُلوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُم إِلى رَبِّهِم راجِعونَ ٦٠ أُولئِكَ يُسارِعونَ فِي الخَيراتِ وَهُم لَها سابِقونَ ٦١}[المؤمنون: ٦٠ - ٦١]، يقول: وجلت قلوبهم لما يخوفون من سالف أعمالهم الدنية، ولعلمهم بالمرجع إلى الله، فيبادرون آجالهم بالإستكثار من طاعتهم، لأنهم يعلمون أن كل ساعة تمضي بهم كان اشتغالهم فيها بغير ما خلقوا له فهم قد خسروها، وأنه لو كانت لهم الدنيا بحذاريفها لبذلوها لترد الساعة الماضية عنهم، ليعملوا فيها لم يجابوا إليه، ولم يقدروا عليه، فإشفاقهم من الخسران على قدر عملهم بما فاتهم من ثواب عملهم في مقدار ساعاتهم التي عينوها، وأنه لا شيء من أمور الدنيا منذ مبتدائها إلى تصرمها يوازن ما فاتهم من نعيم ثوابها.
  وقال الله ø: {وَالسّابِقونَ السّابِقونَ ١٠ أُولئِكَ المُقَرَّبونَ ١١}[الواقعة: ١٠ - ١١]، الحسن في قوله: {يُؤتونَ ما آتَوا وَقُلوبُهُم وَجِلَةٌ}، قال: يعملون ما يعملون من أعمال البر وهم يخافون ألا تنجيهم من عذاب الله،