[نفي الأعضاء عن الله تعالى]
  وقوله سبحانه: {وَالسَّماواتُ مَطوِيّاتٌ بِيَمينِهِ}[الزمر: ٦٧] فإنما أراد تبارك وتعالى: أنها تطوى يومئذ مع عِظَمِها وكِبَرِها بقوته وقدرته، تمثيلا بما يطوى باليمين، فيكون مطويا بلا عونِ معين، أخبر سبحانه عن قدرته وقهره لكل ما أراد بقدرته.
  وكذلك قوله سبحانه: {بِيَدِهِ المُلكُ}[الملك: ١] يخبر تعالى أن الملك له لا لغيره، وأنه ولي صنعه وتدبيره، وأنه ممسكه ومالكه كله، كضبط اليد لما تحيط به، وتمسكه وتحويه لإحاطته، وأنه لا يملكه مالك غيره، فالقدرة له وحده عليه، وذلك في اللسان العربي مفهوم موجود معقول، تقول العرب: الملك بيد فلان، وقد قبض فلان الملك، وصار الملك في يده، يريدون: في ملكه وقدرته، لا في كف بنانه وقبضة كفه، كذلك السموات والأرض وما بينهما وما فيهما في قبضة الله ويمينه ø.
  وتأويل القبضة واليمين أن ذلك كله في قدرته وسلطانه وملكه، لا يشاركه فيه مشارك، ولا يملكه سواه مالك.
  وكذلك قوله وهو يذكر يوم الدين {وَالأَمرُ يَومَئِذٍ لِلَّهِ}[الانفطار: ١٩] وقد يعلم كل مَن عقل وفهم أن الأمر يومئذ واليوم لله ø، فلما زال الملك الذي كان أعطاه خلقه في دار الدنيا عمن ملَّكه إياه، فذهب ملك جميع الملوك فلم يكن يومئذ ملك سواه، قال الله سبحانه: {لِمَنِ المُلكُ اليَومَ}[غافر: ١٦] قال تبارك وتعالى مخبرا عن أنه لا مالك يومئذ غير الله الواحد القهار.