مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب العدل

صفحة 238 - الجزء 1

  وقال غير واحد من أهل العلم: «إنهم أخذوا به الدنيا»، وقال أبو سعيد الخدري عن النبي ÷ سمعته يقول: «أخوف ما أخاف على أمتي منافق عليم اللسان».

  وقال الحسن: قرأ القرءان ثلاثة وتعلم العلم ثلاثة، رجل قرأ القرءان وتعلم العلم فاتخذه بضاعة ينقله من مصر إلى مصر، يستأكل به الناس.

  وقوم قرأوا القرءان وتعلموا فاستدروا به الولاية، واستطالوا به على أهل بلادهم. قد كثر هذا الضرب في حملة القران. لا كَثَّر الله أهل هذا الضرب.

  وقوم قرأوا القرءان وتعلموا العلم فهم كما قال الله بعد استعمالهم لما تعلموا: {إِنَّمَا المُؤمِنونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَت قُلوبُهُم وَإِذا تُلِيَت عَلَيهِم آياتُهُ زادَتهُم إيمانًا وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ}⁣[الأنفال: ٢]، فهؤلاء في حملة القرءان، والعلم أعز وأقل من الكبريت الأحمر. أحيا الله بهم الدين وأطفأ بهم جور الظالمين.

  وقد روي أن ابن عجلان قال: قوم قرأوا القرءان وتعلموا العلم حتى إذا أحكموهما جميعا عمد أحدهم إلى الدنيا فجعلها على رأسه وضمها إلى نحره، فرءاه ثلاثة من الناس: رجل أعمى، وامرأة ضعيفة، وأعرابي جاهل، فقالوا: فلان أقرأ لكتاب الله منا، وأعلم بسنة نبيه منا، لو لا أنه رأى في الدنيا ذخيرةَ خيرٍ ما جمع منها ما جمع، ولا ادخر منها ما ادخر، فاجمعوا كما جمع، وادخروا كما ادخر، فمثله كما قال الله: {وَلَيَحمِلُنَّ أَثقالَهُم وَأَثقالًا مَعَ أَثقالِهِم}⁣[العنكبوت: ١٣]، وقال ø: {لِيَحمِلوا أَوزارَهُم كامِلَةً يَومَ