[العدل]
  وقال تبارك وتعالى للعاصي وهو يبكته بعصيانه: {بِما قَدَّمَت يَداكَ}[الحج: ١٠]، و {فَبِما كَسَبَت أَيديكُم}[الشورى: ٣٠]، وقال تبارك وتعالى: {وَيَعفو عَن كَثيرٍ}[الشورى: ٣٠]، يريد سبحانه بقوله: {يَداكَ}: بما كسبت أنت، وبما كسبتم أنتم، والآثام والمعاصي تكون بالأيدي والقلوب والفروج والألسنة والأمر والنهي، وليس يعني: يده دون بدنه ولسانه وجوارحه.
  وقال الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وعلى آل بيته: {إِلّا ما مَلَكَت يَمينُكَ}[الأحزاب: ٥٢] يعني: إلا ما ملكت أنت، لم يرد اليمين دون اليسار، ولا اليد دون البدن، ولا دون النفس، وقال: {وَما مَلَكَت أَيمانُكُم}[النساء: ٣٦]، يريد سبحانه: إلا ما ملكتم أنتم، وكذلك قول القائل: نواصينا وأنفسنا بيد الله ø، وكان النبي ÷ إذا حلف قال: «والذي نفسي بيده»، يريد باليد: في قدرته، وملكه وسلطانه وقوته.
  وقال الله تبارك وتعالى: {وَجاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}[الفجر: ٢٢]، يريد بذلك سبحانه: بآياته العظمى، فعاينها المكذبون العصاة عيانا كفاحا، وتقول العرب إذا جاءت جنود الملوك فغلبوا قوما كانوا عالين لغيرهم ممن دونهم: جاءهم والله الخليفة فلم يكن لهم عليه قوة، ولا به طاقة، ولم يأتهم الخليفة، وإنما جاءتهم قدرته وتدبيره وسلطانه وجنوده المبعوثة، ولا يتوهم المجيء من الله سبحانه كمجيء بدن من الأبدان، ولا زواله من مكان إلى مكان، جل عن ذلك وتقدس من هو بكل مكان موجود! لا بصفة الجسم الزائل - من موضع إلى موضع - المحدود.