باب الفرق بين العقل والهوى
  وقال جابر بن عبد الله، وبريدة الأسلمي، أنه قال لما قدم جعفر بن أبي طالب من الحبشة ¥ قال له #: «ما أعجب شيء رأيته بأرض الحبشة؟ قال: يا رسول الله رأيت امرأة على رأسها مكتل من طعام، فمر بها فارس يركض فدفعها فأذراه من رأسها فقعدت تجمعه وهي تقول: ويل لك بأي عذر تلقى الله يوم يضع كرسيه فيأخذ للمظلوم من الظالم. فقال النبي [÷]: لا قدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفها من قويها الحق والضعيف غير متعتع».
  وقال مالك بن دينار: «كان حبر من بني إسرائيل يعظ كل جمعة، فتجتمع إليه الرجال والنساء، وأناله ذات يوم يفجر بامرأة من النساء، فقال: يا بني مهلا جهلا، فسقط من سريره، واندق نخماعه، يعني: قوته، وأسقطت امرأته وكانت حاملا، وقتل ولده وكانوا في الجيش، ثم أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل: قل لفلان الحبر ما كان غضبك لي إلا أن قلت: يا بني مهلا مهلا، لا أخرجت من صلبك خيرا أبدا».
  وقال مالك أيضا: «رأيت في بعض الكتب مكتوبا: من كان له جار يعمل بالمعاصي فلم ينهه فهو شريكه. قال: وأوحى الله إلى يوشع بن نون أني مهلك من قومك مائة ألف، ستين ألفا من صالحيهم وأربعين ألفا من طالحيهم. فقال: يا رب هذا مهلك الطالحين، فما بال الصالحين؟! قال: إنهم كانوا يرونهم على المعاصي فلا ينكرون ذلك عليهم».