مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[المرجئة]

صفحة 30 - الجزء 1

  فهذان قولان فيهما ذهاب الإسلام كله، ووقوع كل معصية، وذلك أن القدرية - لعنهم الله - قالوا: إن الله جل ثناؤه قدَّر المعاصي على عباده وخلقها فيهم، وقضاها عليهم، فهم لا يمتنعون ولا يستطيعون تركها.

  وأما المرجئة فرخصوا في المعاصي، وأطمعوا أهلها بالجنة بلا رجوع عنها ولا توبة منها، وشككوا الخلق في وعيد الله، وزعموا أن كل من ركب كبيرة من معاصي الله مؤمن كامل الإيمان عند الله، بعد أن يكون مقراً بالتوحيد، وشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن جميع أعمال البر من الصلاة والزكاة والصيام والحج، وغير ذلك ليس من الإيمان، ولا من دين الله، وأن الإيمان إقرار باللسان، فشهدوا لإبليس - لعنه الله – بالإيمان، لأن إبليس - غضب الله عليه - مقر مؤمن بربوبية الله ø، وعرفه باللسان، وقد عصى الله سبحانه [بـ] كبير العصيان، فهذان القولان - رحمكم الله – فاحذروهما، فإنهما هما اللذان أهلكا العباد والبلاد، فنعوذ بالله منهما، ونتبرأ إلى الله ممن قال بهما.