باب الفرق بين العقل والهوى
  سَبيلَكَ وَقِهِم عَذابَ الجَحيمِ}[غافر: ٧]، ولم يقولوا: اغفر للذين عصوا وصدوا عن سبيلك وقهم عذاب الجحيم، فاولاء من لم يخالف الملائكة والأنبياء À في الشفاعة، ثم هكذا أوجب على المؤمنين الاستغفار لإخوانهم بقولهم: اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات عند الدعاء، وقال الله تعالى: {وَالَّذينَ جاءوا مِن بَعدِهِم يَقولونَ رَبَّنَا اغفِر لَنا وَلِإِخوانِنَا الَّذينَ سَبَقونا بِالإيمانِ وَلا تَجعَل في قُلوبِنا غِلًّا لِلَّذينَ آمَنوا}[الحشر: ١٠]، ولم يجز لهم أن يقولوا لإخوانهم الذين سبقوهم بالفسق والعصيان! وكذلك أوجب عليهم في تشهد الصلاة المفروضة عند قولهم السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، ولم يقل الطالحين!
  والكتاب والسنة إنما يثبت الشفاعة للمؤمنين التائبين المحسنين، دون الفاسقين من أهل الكبائر، فإن قالوا وما يحتاج التائبون إلى الشفاعة؟! وقد قال الله جل ثناؤه: {ما عَلَى المُحسِنينَ مِن سَبيلٍ}[التوبة: ٩١]، قيل لمن قال منهم: إنهم يعذبون بقدر ذنوبهم ثم يشفع لهم: ما يصنعون بالشفاعة في تلك الحال وهم كمن لا ذنب له، وما على المحسنين من سبيل؟! فإن قالوا هم: وإن كانوا لا ذنب لهم فإنما استحقوا دخول الجنة بشفاعة النبي ÷، ولا فرق بيننا وبينكم في هذا، إلا أن ترجعوا إلى قول إخوانكم الذي هو خطأ عندكم فتردون وتبطلون حديث الجهمين في الخروج من النار، وإن رجعوا إلى ذلك احتججنا عليهم بحديث الوعد والخلود الذي قد شرحناه في محكم الكتاب والسنة، وما أبان الله فيهما من إيجابه الوعيد واللعنة والخلود على العصاة من عباده المصرين غير التائبين، ولو لا أنَّا لم نقصد إلى هذا الكتاب وشرحه لزدنا من حجج الله تبارك وتعالى، وفيما قلنا بلاغ لمن