[وصيته باجتناب الزنا]
  فلو لم يحرم الله الزنا في كتبه جميعا، لكان في العقول أنه لا يجوز ولا يحسن ولا يصلح في معقول جميع البشر كلهم معا، أن يأتي فاسق ظالم متعد في حرمة غيره ما يكره أن يؤتى إليه في امرأته وحرمته.
  كيف وقد حرم الله الزنا في جميع كتبه وأحكامه، وحَرَّمته جميع رسله؟!
  فالحذر له الحذر، فإنه من أعظم ما نهى الله عنه وزجر، والبعد منه البعد في الكبر والصغر، فإن الله وله الحمد قد عصم أباكم منه صغيرا وكبيرا، فلم يات ولله المنة عليه في ذلك زنا قط جهرة ولا سرا.
  قال الله تبارك في الزنا وتحريمه، والنهي عنه وتعظيمه: {وَلا تَقرَبُوا الزِّنا إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبيلًا}[الإسراء: ٣٢]، وقرن الزنا بالكبائر والفواحش العظام الكبار، التي وعد عليها وعليه الخلود في عذاب النار، فقال في الزنا وفيها، وفيما وعد من العذاب عليه وعليها، وقرنه بالشرك وعبادة الأصنام، وقتل النفس - التي نهى الله عنها الحرام - وهو يصف حال من نجا من عذاب النار، من أوليائه وأهل طاعته الأبرار، وأن صفتهم وما به نجاهم الانتهاء عن هذه المعاصي العظائم الكبار، فقال: {وَالَّذينَ لا يَدعونَ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ وَلا يَقتُلونَ النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلّا بِالحَقِّ وَلا يَزنونَ وَمَن يَفعَل ذلِكَ يَلقَ أَثامًا ٦٨ يُضاعَف لَهُ العَذابُ يَومَ القِيامَةِ وَيَخلُد فيهِ مُهانًا ٦٩}[الفرقان: ٦٨ - ٦٩]، فحرم الله قتل النفس إلا بالحق، وحرم قتلها ظلما، وأحله إذا كان المقتول كافرا ظالما، ولم يحل الزنا في فقر ولا غنى، ولا أباحه قط سرا ولا علنا.
  فالحذر له الحذر، والهرب منه الهرب يا بني، فإن الله قد أغناكم عنه غنى واسعا، موجودا بالنكاح لكرايم النساء، وجعل منه بدلا في كل ناحية وفج من