مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[وصايا القرءان]

صفحة 399 - الجزء 1

  وقال أيضا وهو يصف حدود صفات من رضي عنه من أهل التقوى: {الَّذينَ يَقولونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنّا فَاغفِر لَنا ذُنوبَنا وَقِنا عَذابَ النّارِ ١٦ الصّابِرينَ وَالصّادِقينَ وَالقانِتينَ وَالمُنفِقينَ وَالمُستَغفِرينَ بِالأَسحارِ ١٧}⁣[آل عمران: ١٦ - ١٧]، فجعل الصدق سبحانه والصبر والقنوت - وهو الدعاء من الداعي قائما لله - والإنفاق مما رزق وتَرْكَ البخل من صفات المتقين الأبرار، وقد ذكر الله الصدق بالرضا منه والوصية منه به وكرر ذلك تكرارا بعد تكرار، وذكر صدق الوعد فريضة، وجعله من فاضل الأعمال الصالحة التي مدح بها إسماعيل نبيه صلى الله عليه، فقال تبارك وتعالى: {وَاذكُر فِي الكِتابِ إِسماعيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الوَعدِ وَكانَ رَسولًا نَبِيًّا}⁣[مريم: ٥٤]، فكان صدق الوعد مما رضي به عن إسماعيل نبيه صلى الله عليه وآله وجعله له مدحا شريفا سنيا.

[وصايا القرءان]

  ولكفاكم يا بني بوصايا الله في القرءان أدبا ووصايا، فإن الله تبارك وتعالى قد أمر عباده في كتابه من صواب الرشد والحكمة بما هو أفضل مما وهبهم الله من العطايا، ففيه فانظروا، ومنه فاقبلوا، وبنوره فاستنيروا، وما أمرتم به في الكتاب أن تفعلوه فافعلوا، فليس خير يبتغى إلا والقرءان به آمر، ولا شر يتقى إلا وكتاب الله عنه ناهٍ زاجر.

  قال الله سبحانه وتعالى: {وَاعبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشرِكوا بِهِ شَيئًا وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا وَبِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَالجارِ ذِي القُربى وَالجارِ الجُنُبِ وَالصّاحِبِ بِالجَنبِ وَابنِ السَّبيلِ وَما مَلَكَت أَيمانُكُم إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَن كانَ مُختالًا فَخورًا}⁣[النساء: ٣٦].