[وصايا القرءان]
  ثم أوصى تبارك وتعالى بحفظ الجار، ذي القربى في النسب وقريب الجوار. وأوصى بالجار الجنب وهو المتنحي منزله إلى الجار الجنب، والأجنبي فهي المتنحي عن ذي القرابة والنسب. والإحسان فهو الدفع عنه بما أمكن دفعه من المضار والإمساك عما يغمه ويؤذيه، واحتمال بعض خطاياه أو حسده ما لم يصل إلى ما يسخط الله تعالى فيركب كبائر معاصيه.
  ثم أوصى تبارك وتعالى بحفظ الصحبة من صاحب الجنب، وهو المصاحب في السفر الأجنبي الذي ليس منزله منك بقريب، وليس بينك وبينه معرفة ولا قرابة، فأوجب سبحانه له حقا بالرفقة والصحابة. ثم أوصى سبحانه وتعالى في هذه الآية بوصية شريفة عنده مكرمة، من الإحسان إلى المماليك العبيد الذين خولهم من يملكهم، والمملوك فهو إنسان كمالكه وإن كان الله قد جعلهم سخرة لهم، والإحسان إليهم فهو أن لا يقصر في النفقة عليهم عما يغنيهم ويكفيهم، وأن يكسو في البرد والقُرَ ما يدفيهم، وأن يكسو في الصيف ما يواريهم، ويتجاوز لهم - إلا في حد من حدود الله - يغفر ذنوبهم، ولا يفرط الفرط الشديد المسرف في شتمهم وسبهم، فإن غلبوا بالمجانة والمعصية فبيعهم أصلح وأسلم، وأشبه بالإحسان وأكرم، من تعذيبهم وضربهم، إلا أن يرجو المالك أن ينفع فيهم تأديبهم، فيؤدبهم ويعاقبهم عقابا وسطا، ولا يصير من أدبهم إلى أدب مسرف مفرط يكون لله سخطا.
  ولكن بما جاء عن النبي ÷ في المماليك من الخبر، دلالة على رضى الله سبحانه في الرفق بالمماليك لمن فهم ونظر، فإنه قد صح في منقول الآثار، وما لا شك فيه عن رسول الله ÷ من