مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[الصلاة]

صفحة 411 - الجزء 1

  وقال الله تبارك وتعالى لنبيه مرغباً له ولمن تبعه في التقرب بالصلاة إليه، وأخبره أن الصلاة حسنات يذهبن السيئات، فتفهموا قوله تعالى تعلموا أنها من كرائم القربات لديه، إذ يقول سبحانه لنبيه: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيلِ إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ ذلِكَ ذِكرى لِلذّاكِرينَ}⁣[هود: ١١٤]، وذكر تبارك وتعالى ما يرضى في الصلاة ويجب بقوله تعالى عند ذكر الكافر الناهي عن الصلاة: {كَلّا لا تُطِعهُ وَاسجُد وَاقتَرِب}⁣[العلق: ١٩]، وقال تبارك وتعالى: {قَد أَفلَحَ مَن تَزَكّى ١٤ وَذَكَرَ اسمَ رَبِّهِ فَصَلّى ١٥ بَل تُؤثِرونَ الحَياةَ الدُّنيا ١٦ وَالآخِرَةُ خَيرٌ وَأَبقى ١٧ إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الأولى ١٨ صُحُفِ إِبراهيمَ وَموسى ١٩}⁣[الأعلى: ١٤ - ١٩].

  وذكر الصلاة فدل على فضلها عند مدحه لإسماعيل نبيه وابن خليله صلى الله عليه حين أخبر أنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا، وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة، وكان عند ربه مرضيا، وقال تبارك وتعالى لنبيه محد ÷ مسلياً له عن الرغبة في الدنيا، وأمره له بما هو انفع وأربح وأكبر من الدنيا كلها قدراً من الصبر على الصلاة التي تقرب بها من الله، إذ هي أعظم ثوابا من جميع الدنيا وزهرتها التي يمد إليها الإنسان عينيه، قال ø: {وَلا تَمُدَّنَّ عَينَيكَ إِلى ما مَتَّعنا بِهِ أَزواجًا مِنهُم زَهرَةَ الحَياةِ الدُّنيا لِنَفتِنَهُم فيهِ وَرِزقُ رَبِّكَ خَيرٌ وَأَبقى ١٣١ وَأمُر أَهلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصطَبِر عَلَيها لا نَسأَلُكَ رِزقًا نَحنُ نَرزُقُكَ وَالعاقِبَةُ لِلتَّقوى ١٣٢}⁣[طه: ١٣١ - ١٣٢]، فرغب الله نبيه يا بني في الصلاة ونهاه أن يمد عينيه إلى ما متع به المغرور زهرة دنياه، وأخبره بما أعد في الآخرة من الرزق الباقي لأوليائه، ودله على ما يناله به ويعطاه من التقرب إليه بالصلاة والصبر عليها، وأمر أهله منها بما يرضيه، فقال: {وَأمُر أَهلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصطَبِر عَلَيها}، وأعلمه أن