مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[وصيته في ذكر الله]

صفحة 412 - الجزء 1

  رضاه في التقرب إليه بالصلاة له، وأنه يرزقه ولا يحتاج إلى رزق، فيسأله جل عن ذلك من يُطعم ولا يُطعم الله، البعيد من شبه خلقه، العلي الأكرم.

[وصيته في ذكر الله]

  وعليكم يا بني بذكر خالقكم وبارئكم فإن ذلك مما يحق له سبحانه عليكم، وذكركم له بالليل والنهار، فعمل صالح لم يزل من أعمال الأبرار، ومن الأولى بأن يذكر ولا ينسى، وأن يثنى عليه ويسبح في الصباح والمساء ممن خلقكم وفطركم بعد إذ لم تكونوا شيئا، ومن لولاه تبارك وتعالى ما كان أحد منكم حياً، ومن يغذوكم في كل حين برزقه ونعمه، ويجود عليكم بفضله وكرمه، فنعمه عليكم تروح وتغذوا متصلة، فمن أولى منه سبحانه بأنه لا تكون أنفسكم عن ذكره غافلة، فاحمدوه وكبروه وسبحوه فأكثروا ذكره بالغدو والآصال، فإن ذكره وتسبيحه وتكبيره من صالح الأعمال، فإن يقول سبحانه لعباده المؤمنين، وهو يأمرهم أن يكونوا له من الذاكرين، إذ لا يرضى لعباده أن يكونوا عصاة كافرين، بل الذي يرضى لهم أن يشكروه وهو أشكر الشاكرين، فقال سبحانه لعباده المؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اذكُرُوا اللَّهَ ذِكرًا كَثيرًا ٤١ وَسَبِّحوهُ بُكرَةً وَأَصيلًا ٤٢}⁣[الأحزاب: ٤١ - ٤٢]، وقال تبارك وتعالى: {فَاذكُروني أَذكُركُم وَاشكُروا لي وَلا تَكفُرونِ}⁣[البقرة: ١٥٢]، وقال سبحانه في الذكر وأمر عباده به في السفر والحضر وبعد إفاضتهم من عرفات، وبعد الوقوف له يوم الحج الأكبر: {فَإِذا أَفَضتُم مِن عَرَفاتٍ فَاذكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشعَرِ الحَرامِ وَاذكُروهُ كَما هَداكُم وَإِن كُنتُم مِن قَبلِهِ لَمِنَ الضّالّينَ ١٩٨ ثُمَّ أَفيضوا مِن حَيثُ أَفاضَ النّاسُ وَاستَغفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ ١٩٩ فَإِذا قَضَيتُم مَناسِكَكُم فَاذكُرُوا اللَّهَ كَذِكرِكُم آباءَكُم أَو أَشَدَّ ذِكرًا}⁣[البقرة: ١٩٨ - ٢٠٠]،