المسألة الثانية: في بيان الحق في الأصول والفروع
  والقطعي من الفروع واحد اتفافاً إلاِّ عند شذوذ من الناس لا يعول على قولهم، ولا يلتفت إليه لمصادمته الأدلة القطعية.
  وأما المسائل الظنية من الفروع: ففيها خلاف مشهور بين الأصوليين، والحق أن الحق فيها مع واحد كالأصول لقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا}[آل عمران: ١٠٣] وقوله تعالى: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ}[آل عمران: ١٠٥] وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}[الأنعام: ١٥٩] ولم تفصل هذه الآيات بين ما كان من الأصول وغيره، ولا بين القطعي والظني وقوله ÷ [لفظه أو معناه]:
  (٣٣٣) «ألا لا يختلف عالمان ولا يقتتل مسلمان»(١) ولم يفصل وقالت: البصرية وبعض أئمتنا: بل كل مجتهد مصيب في الفروع، وإن هذه العمومات مخصصة بإجماع الصحابة، فإنه لما جرى الخلاف بينهم ولم ينكر بعضهم على بعض، ما ذلك إلاَّ لأن الحق غير متعين، قال الإمام يحيى [بن حمزة] #(٢): ولم يسمع من أحدٍ منهم إنكار على صاحبه [فيما ذهب إليه] ولا ذم، بل يعتذرون في المخالفة بأن يقولوا: هذا رأيي وهذا رأيك، قالوا: ولم ينقض أحد منهم حكم صاحبه.
  ومما احتجوا به أيضاً ما روي عن أبي هريرة عنه ÷ أنه قال:
  (٣٣٤) «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فاخطأ فله أجر واحد»(٣) وما روي عن عقبة بن عامر عنه ÷ أنه قال:
(١) احتج به الإمام الحسين بن القاسم العياني # في تفسيره المسمى (غريب القرآن).
(٢) قاله في كتابه: الديباج الوضي في شرح كلام الوصي (خ) (رهن التحقيق).
(٣) أخرجه البخاري في (٩٦) كتاب الاعتصام (٢١) باب أجر الحاكم إذا اجتهد رقم (٢٥٩٣) =