مسائل ينبغي معرفتها
  (٣٣٥) «إِقض بينهما - يعني الخصمين - فإن أصبت فلك عشر حسنات، وإن أخطأت فلك حسنة واحدة»(١) قالوا: والشرائع مصالح ولا يمتنع أن يخاطب الله بمجملٍ يريد مِن كلّ ما فَهِمَهُ؛ لأن المصالح تختلف باختلاف الناس [ثم] قالوا: ولا حكم لله فيها معين، وإنما مراد الله تابع لما أداه نظر المجتهد، لأن نظر المجتهد تابع لمراد الله تعالى.
  قال بعضهم: بأنه لا يخلو إما أن يريد الله من كل مجتهد ما أداه إليه نظره، أو يريد ذلك من بعض دون بعض أو لا يريده من الكل، الثالث باطل لأنه خلاف الإجماع، والثاني باطل أيضاً لأنه محاباه، ومن وصف الله تعالى بها كفر؛ لأنها لا تجوز عليه بقي الأول(٢) وهو: أن كل مجتهد مصيب، ثم إنَّا
= ومسلم في (٣٠) كتاب الأقضية (رقم ١٥) عن عمرو بن العاص بلفظ: «إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، فإذا أصاب فله أجران» كما أخرجه البخاري ومسلم أيضاً عن أبي هريرة، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (٢/ ٧١ - ٧٢)، وأحمد في المسند (٤/ ٢٠٤، ١٩٨)، والهندي في منتخب كنز العمال (٢/ ٩٨)، عن أبي هريرة وعمرو بن العاص، وأبو داود في سننه (ح/٣٥٧٤)، والنسائي وابن ماجة (ح/٢٣١٤)، والسيوطي في الصغير (ح/٥٦٥)، والترمذي في الجامع (ح/١٣٢٦).
(١) أخرجه الحاكم (٣/ ٥٧٧)، وابن عدي في الكامل وابن عساكر في تاريخه، والدار قطني (٤/ ٢٠٣)، والمتقي الهندي في منتخبه (٢/ ١٦٧)، والطبراني في الكبير (٢٠/ ٥٤٠)، واحمد (٤/ ٢٠٥) عن عقبة بن عامر.
(٢) ورد في كتابه الإرشاد بعد قوله: (بقي الأول) ما لفظه: وقال بعض الناس: بل كل مصيب في الفروع والأصول واحتجوا على ذلك بأن قالوا: لا إثم على من طلب الحق، فنظرنا في هذه الثلاثة الأقوال فإذا الثالث منها ساقط لمصادمته النصوص. واما قولهم: لا إثم على من طلب الحق، فعدم الإثم لا يدل على التصويب للمتخلفين، لأنه قد ينتفي عن المخطئ والساهي عن الصواب لقوله تعالى {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ}[الأحزاب: ٥]، وقوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ...» الخبر، لأن الطلب غير المطلوب وليس كل طالب شيء لا يخطئه وذلك بحمد الله واضح. ثم نظرنا في الباقيين فإذا الثاني منهما ساقط أيضاً، لأنا نظرنا فيما ادعاه أهل هذا القول من إجماع الصحابة على القول بالتصويب في مسائل الفروع الظنيه، فإذا هو لم ينتقل عن أحد القول به قبل البصرية. ينظر الإرشاد إلى سبيل الرشاد ص (٤٢ - ٤٣) بتحقيق الأستاذ/ محمد يحيى سالم عزان.