الثمار المجتناه في فضل العلم والعلماء والهداة،

أحمد بن قاسم الشمط (المتوفى: 1373 هـ)

مسائل ينبغي معرفتها

صفحة 166 - الجزء 1

  النزاع في مسائل الفروع والإمامة من الأصول، فلو كان ذلك تصويباً منهم لجرى في الأصول كما جرى في الفروع، وهم لا يقولون: أن كل مجتهدٍ مصيب، والفرق تحكم، وأيضاً لا خلاف أن السكوت لم يقع من الصحابة إلاَّ بعد النزاع في مسائل الخلاف وإلإياس من رجوع المخالف إلى صاحبه، ومن قواعد كثير من أئمتنا $ ومن وافقهم من علماء الإسلام: أنه لا يجب النكير إلاَّ عند ظن التأثير، وبعد النزاع والإياس من رجوع المخالف ينتفي ظن التأثير ضرورة، فكيف يعتد بسكوتهم مع ذلك في تخصيص الأدلة القطعية. انتهى. وأيضاً لا يجب النكير إلاَّ عما علمه الناهي منكراً، ولم يحصل في مسائل الفروع إلا الظن غالباً.

  وأما ما حكاه الإمام يحيى # من تولي بعضهم بعضاً وعدم الذم واعتذارهم بقولهم: هذا رأيي وهذا رأيك فبمراحل عن الدلالة على التصويب لأن الخطأ لا يمنع التولي ولا يبيح الذم، لكونه معفواً عنه لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ}⁣[الأحزاب: ٥] وقولهم: هذا رأيي وهذا رأيك لا يدل لا بصريحه ولا بفحواه ألا ترى أنه يصح أن تقول للجبري: هذا مذهبي، وهذا مذهبك وتقول لليهودي: هذا ديني وهذا دينك، ولو كان ذلك يدل على التصويب لما جاز، وأيضاً قد أمر الله رسوله أن يقول للكفار: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}⁣[الكافرون: ٦]، ولم يكن تصويباً لهم مع أنه أوكد من قولهم: هذا رأيي وهذا رأيك، لأن فيه الإضافة ولام الاختصاص، وذلك لم يكن فيه إلا الإضافة فقط، وأما دعوى عدم نقض بعضهم لحكم صاحبه - إن صح - فلصيانة أحكام المصيبين من أن ينقضها المخطئون كما يدعيه المخالفون لنا في نقض الأحكام المختلف فيها في هذه المسألة لأنهم يقولون لو جاز نقضها لم يستقر حكم البتة، لأن كل حاكم يستجيز حينئذٍ نقض