مسائل ينبغي معرفتها
  كل حكم مخالف لمذهبه، ويفعل ذلك كما فعل غيره، وكذلك هذا إذ لا فرق وهو كاف في حل شبهتهم لكونه عندهم حجة مع أن التحقيق أنه لم يصح ذلك لأن علياً # رد قطائع عثمان، وفعل عثمان في قطائعه جارٍ مجرى الحكم لكونه خليفة في اعتقاد نفسه في الظاهر، وفعل الخليفة في ذلك جارٍ مجرى الحكم بلا خلاف أعلمه.
  أما خبر أبي هريرة وخبر عقبة بن عامر فهما حجة لنا لأن فيهما التصريح بالتخطئة، وأما الأجر والحسنة المذكوران فيهما فثواب من الله تعالى على النظر لأنه عبادة إجماعاً لا على الحكم بالخطأ وإنما هو معفو عنه فقط، لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ}[الأحزاب: ٥] وأما قولهم إن الشرائع مصالح فلا يمتنع أن يخاطب الله بمجمل يريد من كل ما فهمه؛ لأن المصالح تختلف باختلاف الناس فمُعارَض بقولنا: لا يمتنع أن يبيح في كل ما وقع عليه النصوص من المحرمات لبعضٍ من الناس دون بعض لأن المصالح يختلف فيها باختلاف الناس، فتكون الخمر حلالاً لزيد حراماً على عمرو! وهذا خلاف ما علم من الدين ضرورة والفرق بينه وبين ما قالوا معدوم، إذ لا دليل ولا مُخصص وإن كان غير ممتنع في العقل(١) وأما قولهم: لا حكم لله فيها معين فنقول - وبالله التوفيق: لا يخلو إما أن يكون الحكم الذي حصل بنظر المجتهد مما أنزل الله تعالى أو لا. إن كان مما أنزل الله تعالى بطل قولهم بعدم التعيين، وصار معيناً عند الله تعالى لأنه لا ينزل إلاَّ ما قد عينه وأثبته، إذ خلاف ذلك لا يصدر إلاَّ عن جهل أو ذهول والله تعالى منزه عنهما وأيضاً فإن الله قد أثبته إذا أنزله، وعلم من يحصله بنظره، وكلفه أن يعمل به فكيف لا يكون مع ذلك معيناً عنده، وإن كان من غير
(١) ورد هنا كلام طويل في الإرشاد. ينظر ص (٥١ - ٥٣).