الثمار المجتناه في فضل العلم والعلماء والهداة،

أحمد بن قاسم الشمط (المتوفى: 1373 هـ)

مسائل ينبغي معرفتها

صفحة 169 - الجزء 1

  أصابه بعضٌ وأخطأه بعض فقد طابق مراد الله المصيب وأخطأه المخطئ فهذا خارج من ذلك التقسيم، وأورد على ذلك قوله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ... الآية}⁣[الأنبياء: ٧٩] وقوله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ}⁣[الحشر: ٥] ولا حجة لهم في الآيتين على تصويب المجتهدين عند الاختلاف أما الآية الأولى: فهي حجة لنا لأنه لو كان

  داود # وسليمان مصيبين معاً لم يكن لتخصيص سليمان # بالتفهيم فائدة وقوله تعالى: {وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً}⁣[الأنبياء: ٧٩].

  احترس من سوء توهم المتوهمين على أن داود # لم يكن ذا حكم وعلم على الإطلاق، فإنه لو اقتصر على قوله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ}⁣[الأنبياء: ٧٩] كما في قوله تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}⁣[المائدة: ٥٤] فإنه ربما يتوهم أن ذلك لضعفهم، وكقول كعب بن سعد الغنوي⁣(⁣١):

  حليم إذا ما الحلم زين أهله ... مع الحلم في عين العدو مهيب

  فإنه لو اقتصر على وصفه بالحلم ربما توهم أن ذلك لضعفه.

  وأما قوله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ}⁣[الحشر: ٥] فمعناه الإباحة فقط لأنه سبحانه سَوَّى بين القطع والترك، وذلك لا يدل على تصويب المجتهدين عند الاختلاف لا با لمطابقة ولا بالتضمن ولا بالالتزام لانتفاء الجامع.

  فإن قلت: كان سبب نزولها الاختلاف في ذلك⁣(⁣٢).


(١) هو: كعب بن سعد بن عمرو الغنوي من بني غنيَّ، شاعر جاهلي حلو الديباجة. ينظر الأعلام (٥/ ٢٢٧).

(٢) ينظر: أسباب النزول للواحدي ص (٣١٢)، زاد المسير (٨/ ٢٠٧)، صحيح البخاري (٧/ ٢٥٦)، (٨/ ٤٨٣)، مسلم (٣/ ١٣٦٥ - ١٣٦٦)، تفسير الطبري (١٢/ ٣٣).