مسائل ينبغي معرفتها
  قلت وبالله التوفيق: قد ذكر بعض المفسرين أن سبب نزول الآية السابقة أن النبي ÷ أمر بالقطع فقيل له: كيف نفعل ذلك وقد
  نهى الله تعالى عن الفساد في الأرض؟ فنزلت [بالإباحة] فبطل ما
  قالوا - والحمد لله رب العالمين، وإن سُلَّم ما قالوا فنزول الآية مبين لحكم ما اختلفوا فيه، وهو الإباحة فلا حجة في ذلك - والله أعلم، فثبت بحمد الله بهذه الأدلة أن الحق مع واحد مطلقاً أصولاً وفروعاً.
  فإن قلت: فما حكم المخالف في ذلك إذا قد ثبت أن الحق مع واحد أصولاً وفروعاً.
  قلت: لا يخلو إمَّا يعاند ويخالف الحق بعد وضوحه أو لا، إن كان الأول آثم مطلقاً سواءً خالف في الأصول أو في الفروع، وإن كان الثاني، فلا يخلو إما أن يخطئ في الأصول أو في الفروع. إن كان الثاني، فمعفو عنه لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}[الأحزاب: ٥] وقوله ÷:
  (٣٣٦) «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان»(١) وإن كان الأول: فإن كان خطأه مؤدياً إلى الجهل بالله تعالى، وإنكار رسله في جميع ما بلغوه عن الله أو بعضه أو إنكار ما علم من الدين ضرورة فهو كافر لأنه في الحقيقة كالمعاند لأن الله تعالى عدل حكيم، وقد كلفه معرفته جل وعلا، ومعرفة رسله فلا بد أن يجعل له طريقاً لا يخفى، وإلا كان تكليفاً لما لا يطاق وذلك لا يجوز على الله
(١) أخرجه الطبراني في الكبير (٢/ ١٤٣٠) عن ثوبان والهندي في منتخب كنز العمال (٢/ ٢٦٠)، والسيوطي في الصغير (ح/٤٤٦١) وقال: حديث صحيح، وابن ماجة في السنن (ح/٢٠٤٤، ٢٠٤٥)، والهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٢٥٠)، وأحمد في المسند (٢/ ٤٢٥، ٣٩٣، ٤٧٤، ٤٨١)، عن أبي هريرة، وقال ابن حجر في التلخيص (١/ ٢٨١): رواه ابن ماجة وابن جبان والدار قطني والطبراني والحاكم عن ابن عباس.