الثمار المجتناه في فضل العلم والعلماء والهداة،

أحمد بن قاسم الشمط (المتوفى: 1373 هـ)

المسألة الرابعة: [كيفية اتباع الأئمة من أهل البيت]

صفحة 181 - الجزء 1

  يكون ممن يمكنه الاستنباط أو لا، فإن كان ممن يمكنه الاستنباط وجب عليه أن يتحرى حتى يكون اجتهاده على وفق ما ذهب إليه الأئمة، فإن لم يمكنه ذلك علم أن اجتهاده الذي أداه إلى مخالفة العترة الزكية خطأ فالواجب عليه إطراحه والرجوع إلى قولهم لأنه قد تقدم أن إجماعهم حجة قاطعة لا يجوز مخالفتها، وما أدى إليه اجتهاده لا يكون مظنوناً والظني لا يقوى على مقاومة القطعي، لأنه لا تعارض بين ظني وقطعي، كما ذلك معلوم في موضعه فهذا حكمه إذا خالف جميع العترة، فإن وافق اجتهاده لقول بعض العترة وجب عليه العمل به لأنه فرضه الذي كلَّفه، وهو العمل بظنه ولا يجوز حينئذ التقليد لإن ظنه أولى من ظن غيره.

  وإن كان ممن لا يمكنه الاستنباط فلا يخلو إما أن يلتزم مذهب إمام معين أو لا، إن التزم مذهب إمام معين، وجب عليه الأخذ بجميع أقواله من الرخص والعزايم، وإن لم يلتزم مذهب إمام معين بل قلد جماعه أهل البيت وجب عليه العمل بما أجمعوا عليه لأنه لا يجوز مخالفة إجماعهم لما تقدم من أنه حجة قاطعة كإجماع الأمة بعصمتهم وإن اختلفوا ولم يجمعوا عمل بالأحوط وهو الأشق لقوله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِي ١٧ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}⁣[الزمر: ١٧ - ١٨].

  مثال ذلكم الشظى⁣(⁣١) فإنه إن لم يأكله يعلم أنه لا إثم عليه في ذلك، وإن أكله جوَّز ذلك، وكبيع النسيئة⁣(⁣٢) فإنه إذا تركه يعلم أنه

  لا يعاقب، وإذا فعله لا يأمن من العقاب وغير ذلك من المسائل، فلا ندامة على من اتبع الأحوط ولأنه قد حكي الإجماع من العترة $ وغيرهم على تحريم الأخذ بالأخف اتباعاً للهوى، قال الإمام


(١) الشظى: شَظِىَ العود ونحوه شظىً: انشق فِلَقاً.، والشَظى: عظيم الازق بالركبه، المعجم الوسيط. مادة: شَظِىَ.

(٢) بيع النسيئة: البيع بالزيادة لأجل الدين وهو ربا.