[الآداب المتعلقة بطالب العلم]
  مشغول فيه، ولا يسأله عن شيء مضى، ولا عن شئ مستقبل، وعليه التلقي والقبول لما ألقاه عليه، والتحفظ له ولا يعجل برده ولا باعتراضه فإن بان له فيه وجه سؤال بحث عنه بحسن عبارة على وجه السؤال لا على وجه الاعتراض والتعنت فإن ذلك يؤدي إلى حرمان الفائدة.
  ومنها: أن يتخلق بأخلاق الصالحين، وأن يتواضع لجميع المؤمنين ولا يتشبه بأهل البادية في الجفاء والقسوة والغلظة، فإن كان الطالب من البادية فينبغي له أن يتشبه بالصالحين من أهل الحضر في الآداب الحسنة، فإنِّ «من تشبه بقوم فهو منهم»(١)
  شعراً:
  فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ... إن التشبه بالكرام فلاح
  وذلك لأن أهل القرى ألين عريكة وأحسن طباعاً، وقد روي أن الله تعالى لم يبعث نبياً من أهل البادية ولا من الجن، ولا من النساء، وقال جرير(٢) في ذم البادية:
  أرض الفلاحة لو أتاها جرول ... أعني الحطيئة لاغتدى حراثا
  ما جئتها من أي وجه جئتها ... إلا حسبت بيوتها أجداثا
(١) جزء من حديث أخرجه أبو داود في سننه (ح/٤٠٣١) عن ابن عمر، والشهاب (رقم ٣٩٠) وابن عساكر (١٩/ ١) مرفوعاً، والعراقي تخريج آحاديث الإحياء (١/ ٣٤٢) وحسنه صاحب الفتح، والطبراني في الأوسط، عن حذيفة، وصاحب المجمع (١٠/ ٢٧١)، كتاب الزهد، والسيوطي في الصغير (ح/٨٥٩٣) وقال: حديث حسن، وأحمد في المسند (٢/ ٥٠، ٩٢) (ح/٥١١٤، ٥١١٥، ٥٦٦٧)، والطحاوي في المشكل (١/ ٨٨).
(٢) جرير: هو الشاعر الأموي المشهور أشهر من نار على علم، لمزيد حول ترجمته انظر الأعلام (٢/ ١١٩) ومصادره.