منهج أهل البيت $ في الحديث
  فما بالك إذا خالف الثقة القرآن المقطوع بصحته؟ هل يعتبر حديثه مقدوحاً فيه أم لا؟! نعم ولا شك في ذلك بل لا يقبل بالمرة، ويرد بلا تردد أو وجل فما خالف القرآن رد مهما كان وممن كان.
  ولذلك نجد أهل البيت $ يؤكدون على ضرورة عدم مخالفة الحديث للقرآن فإذا خالفه طرح بالمرة، وهذا مسلك عظيم وقاعدة قوية، يجب العمل بها ويجب أن تحاكم إليها جميع الصحاح.
  ولم تأت هذه القاعدة من فراغ، بل إن الرسول الأكرم ÷ أكد عليها فقال: «سيكذب عليَّ كما كذب على الأنبياء من قبلي، فما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فما وافقه فهو مني وأنا قلته، وما خالفه فليس مني ولم أقله»(١)، فاستند إليه أهل البيت $ وعملوا على تطبيقه، وقد تنبهت له عائشة فعندما سمعت عمر بن الخطاب وابنه عبد الله يحدثان بحديث: «إن الميت ليعذب ببكاء أهله» أنكرته، وحلفت أن رسول الله ÷ لم يقله، وقالت بياناً لرفضها إياه: أين منكم قول الله سبحانه: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام: ١٦٤].
  يقول الشيخ محمد الغزالي حول رد عائشة للحديث: إنها ترد ما يخالف القرآن بجرأة وثقة، ومع ذلك فإن هذا الحديث المرفوض من عائشة ما يزال مثبتاً في الصحاح بل إن (ابن سعد) في طبقاته الكبرى كررها في بضعة أسانيد! ... وعندي أن ذلك المسلك
(١) حديث العرض من الأحاديث الصحيحة عند أهل البيت # أخرجه الإمام زيد بن علي # في الرسالة المدنية، ورواه الإمام الهادي إلى الحق في كتاب شرح معاني السنة، وأورده الإمام القاسم بن محمد في كتاب الاعتصام (١/ ٢١) وهو بلفظ مقارب في أول تفسير البرهان لأبي الفتح الديلمي وهو في كنز العمال (١/ ١٧٦ - ١٧٥)، ونحوه في (١٦٠)، وذكر أنه أخرجه أبو نصر السجزي في الإبانة، ورواه الطبراني في الكبير (٢/ ٩٦)، ومجمع الزوائد (١/ ١٧)، وفي الجامع الصغير للسيوطي (١/ ٧٤ -.