المجموع الفقهي والحديثي،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

النشأة المباركة:

صفحة 39 - الجزء 1

  هذه الأخبار ونحوها تعتمل في صدر كل عظيم من عظماء آل محمد وشيعتهم الكرام، وتدور في مجالسهم، وعجلة السنين تحمل بدورها هذه الدلائل من رمز إلى آخر، وهي تدور في اقتراب شديد من الحادثة المرتقبة.

  فقبل عام واحد من مولد الإمام دخل أبو حمزة الثمالي على زين العابدين فقال له زين العابدين: يا أبا حمزة ألا أخبرك عن رؤيا رأيتها؟ قال: بلى يا ابن رسول الله، قال: رأيت كأن رسول الله أدخلني جنة، وزوجني بحورية لم أر أحسن منها، ثم قال لي: يا علي بن الحسين: سمّ المولود زيداً فيهنيك زيد⁣(⁣١)، وإنها لرؤيا دفعتها عناية الله وحكمته إلى التصديق، فما هي إلا أيام قلائل، وإذ بالمختار أبي عبيد يبعث إلى الإمام علي بن الحسين بفتاة سندية تدعى جيدا كان قد اشتراها، فوجدها حورية بحق ديناً، وخلقاً، وحياءً، وأدباً، تجدر بأن تكون سكناً لعلي بن الحسين، فاختصها السجاد لنفسه، بعد أن خيرها بين أبناءه فأبت - في إجلال - إلا هو، ومنها أنجب ابنه المنتظر (زيد بن علي) قال أبو حمزة: فحججت عاماً آخر فأتيت علي بن الحسين، فلما دخلت عليه وجدته حاملاً لطفل صغير، وهو يقول: يا أبا حمزة هذا تأويل رؤياي قد جعلها ربي حقا، وهكذا تحققت اللحظة المنتظرة، وقدم زيد إلى الحياة ليصحح مسارها، وليرسي للبشرية فيها مبادئ الحرية والعدالة، ومقاومة الظلم، خالداً ومخلداً ما أرسى إلى أن تقوم الساعة.

النشأة المباركة:

  وفي مرابع الفضيلة، وأكناف النبوة ترعرع الإمام وتربّى. تكتنفه رعاية الله من كل جانب، وتضمخه سلوكيات البيت النبوي أروع الصفات، وتقلّده أعظم السجايا، ومضى ينمو لتنمو معه كل فضيلة، وأسرته الهاشمية الكريمة ترقب هذا النمو، وتغدق


(١) رواه الإمام المرشد بالله في أماليه الإثنينية (خ) تحت التحقيق.