المجموع الفقهي والحديثي،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

علمه ومشائخه

صفحة 40 - الجزء 1

  عليه في كل مرحلة ما يناسبها من التثقيف والتوجيه والتعليم، حتى تبلورت شخصيته بتميز، وأصبحت مستقراً لموروث البيت النبوي الشريف، وعلى رأس المورثين جميعاً الأب الأعظم، والمعلم الرائد، صفي الله ومصطفاه محمد بن عبد الله، وهنا تبدت على محياه ملامح لا تشع إلا نوراً، وعظمة، ومهابة، وشهامة وشجاعة، وسماحة وتواضعاً، ونبلاً وسخاء، وورعاً وزهداً، وحلماً وعلماً، وتضحية وفداءً، وقد تلاقحت فيه هذه الصفات الحميدة، نتيجة لأجواء النشأة المباركة التي ذكرنا، بالإضافة إلى مبادراته الذاتية التي عرفت عنه، كالتصاقه الحميم بكتاب الله الذي ما برح عليه عاكفاً يتدبّر آياته، وينهل من خيراته، حتى عرف بحليف القرآن، وكعشقه للعلم منذ نعومة أظفاره، هذا العشق الذي ظل يلازمه طوال حياته، حتى بوأه أرقى مدارج الكمال في مختلف الميادين.

علمه ومشائخه

  لقد شق الإمام زيد طريقه في ميدان العلم والمعرفة بعزيمة ما عرفت الوهن، وبإرادة ما انثنت لصعب أو مستحيل، ولهذا أصبح بحق فارس هذا الميدان، لا يجارى ولا يبارى، ولا يشق له غبار، كيف لا وقد انتهت إليه معارف آباءه وأجداده، وأصبح يعلم ما لا يعلم غيره، بشهادة أخيه الأكبر محمد، وهو الباقر لعلوم آل البيت حيث يقول: لقد أوتي زيد علماً لدنياً، فاسألوه فإنه يعلم ما لا نعلم⁣(⁣١).

  وقال أيضاً لمن سأله عنه: سألتني عن رجل ملئ إيماناً وعلماً من أطراف شعره إلى قدميه، وهو سيد أهل بيته⁣(⁣٢).


(١) الروض النضير ج ١/ ١١٢.

(٢) تيسير المطالب في أمالي السيد أبي طالب ص ٨٤.