المجموع الفقهي والحديثي،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

الزيدية والإمام زيد

صفحة 54 - الجزء 1

  وقال الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة #: واختصت الفرقة من هذه العترة وشيعتهم بالزيدية، وإلا فالأصل علي # والتشيع له، وخروج الإمام زيد بن علي على أئمة الظلم وقتالهم في الدين، فمن صوبهم من الشيعة وصوبه، وحذا حذوه فهو زيدي بغير خلاف بين أهل الإسلام⁣(⁣١).

  وليست نسبة الزيدية إلى الإمام زيد نسبة فقهية بحتة على النحو المعروف، والمتبع في المذاهب الأخرى كالانتساب مثلاً إلى المذهب الحنفي أو الشافعي أو المالكي أو الحنبلي، لأن المذهب الزيدي يحرم التقليد على كل مجتهد قادر على الوقوف على الأدلة، واستنباط الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة، ولا يبيحه إلا للعامي، وغير المتمكن من ذلك، ولذلك تميز بمدارسه الفقهية المتعددة، التي نالت إعجاب الكثير من العلماء والمفكرين، واتسمت بالتجديد والعطاء المستمر، قال الشيخ محمد أبو زهرة: وإنه بملاحظة أصول الزيدية يتبين أنهم أخذوا من الأصول والمناهج أوسعها مدى، وكلما كثرت الأصول كان المذهب أكثرها نماءً، وأوسعها رحاباً، فإذا أضيف إلى ذلك فتح باب الاجتهاد والتخريج في كل العصور، وكثرت الأئمة الذين خرجوا واجتهدوا وأخذوا مع فتح الباب للآراء في المذاهب الأربعة وغيرها، كان هذا المذهب أكثر المذاهب الإسلامية نماءً وقدرة على مسايرة العصور⁣(⁣٢).

  هكذا استمرت الزيدية في حمل رايته، وتبليغ رسالته، وزلزلة عروش الطغاة المستبدين في كل عصر ومصر، وهي من رفعت رأس الأمة عالياً بفكرها ومنهجها، فكانت ولا تزال الصورة الناصعة والحقيقية للإسلام ديناً ودولة، وقد وصلت إلى ما وصلت إليه من المكانة السامية، لأنها اقتفت أثر الإمام زيد، وسلكت خطه في التضحية والاستشهاد، ولهذا قيل: وإن تباهى أهل دين بشهدائهم، فإنه يحق للمسلمين أن يتباهوا بشهداء الزيدية⁣(⁣٣).

  فهل من نصر كهذا النصر للإمام وثورته؟!


(١) مطلع البدور (خ).

(٢) الإمام زيد وآراءه الفقهية ٥٠٨.

(٣) د. صبحي في كتابه الزيدية ١٠٠.