البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة آل عمران

صفحة 134 - الجزء 1

  تَأْوِيلِهِ} والفتنة في هذا المكان الشرك واللبس التي حاج بها وفد نجران رسول الله ÷ {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} من علماء آل الرسول À لأنهم العالمون العاملون.

  قوله تعالى: {.. كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ} أي كعادة آل فرعون في التكذيب بما أنزل الله تعالى وعدولهم عن الحق.

  قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ} وسبب نزول هذه الآية أن رسول الله ÷ بشر أصحابه بالظفر على قريش قبل بدر بسنة فحقق الله قوله وصدق رسوله وأنجز وعده بقتل من قتل منهم وقيل نزلت في يهود بني قينقاع لما هلكت قريش يوم بدر فدعاهم النبي ÷ إلى الإسلام وحذرهم مثل ما نزل بقريش فأبوا وقالوا: لسنا مثل قريش العماة الذين لا يعرفون الناس فأنزل الله فيهم ذلك.

  قوله تعالى: {قَدْ كَانَ لَكُمْ ءَايَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا} يعني من كان مع رسول الله ÷ من أهل الإسلام {وَأُخْرَى كَافِرَةٌ} يعني مشركي قريش كان المشركون تسعمائة وخمسون رجلاً وكان المسلمون ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً لقد كان لكم في هؤلاء عبرة ومتفكر أيدهم الله ونصرهم على عدوهم {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} ومعنى الكلام أن الفئة المؤمنة التي تقاتل في سبيل الله أراهم الله مشركي قريش يوم بدر مثلي عدد أنفسهم فقلل الله عدد المشركين وكثر عدد المسلمين تقوية لقلوبهم، ويحتمل أن تكون الفئة الكافرة التي أراها الله المسلمين مثلي عددهم تكثيراً لهم وتضعيفاً لقلوب الكافرين، والآية في الفئتين تقليل الكثير في أعين المسلمين وتكثير القليل في أعين الكافرين، وما تقدم من الوعد بالغلبة.