سورة آل عمران
  عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} يعني لو قعدتم وتخلّفتم لخرج الذين كتب عليهم القتل ولم ينجهم قعودهم، ويحتمل وجه آخر أنكم لو تخلّفتم لخرج منكم المؤمنون ولم يتخلّفوا بتخلّفكم {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ} أي يعاملكم معاملة المبتلي المختبر ويعرف صبركم.
  قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} أي ولى الذين عن المشركين بأحد {إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا} أي أنهم أحبوا الغنائم مع حرصهم على الحياة، ويحتمل أن يكون استزلهم بذكر الخطايا سلفت فكرهوا القتل قبل إخلاص التوبة منها والخروج من الظلمة فيها {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} إذ لم يعاجلهم بالعقوبة وغفر لهم الخطيئة حين تابوا والذي لم ينهزم وثبت مع رسول الله ÷ أمير المؤمنين علي #.
  قوله تعالى: {.. فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} أي فبرحمة من الله و (ما) صلة دخلت لحسن النظم {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} الفظ الجافي الغليظ القلب القاسي وجمع بين الصفتين وإن كان معناهما واحد للتأكيد {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} وإنما أمر بمشاورتهم في الحرب ليستقر له الرأي الصحيح وقيل ما شاور قوم إلا هدوا إلى رشد الأمور وقيل إنه أمر بمشاورتهم ليستن من بعده به.
  قوله تعالى: {.. وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُغَل} قرئ بفتح الياء وضم الغين قيل إنه تقدم يوم بدر بعض الغنائم فقال رجل من المنافقين: أخذها رسول الله ÷ فأنزل الله هذه الآية، ويحتمل: ما كان لنبي أن يكتم أمته ما بعثه الله به لرهبة منهم أو رغبة فيهم.
  وأما من قرأ بضم الياء وفتح الغين وما كان لنبي أن يَغُل أي يغله أصحابه ويخونوه وأصل الغلو الخلل وهو دخول الماء بين الشجر.