البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة النساء]

صفحة 165 - الجزء 1

  قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} أي الحلم {فَإِنْ ءَانَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} يعني عرفتم، والرشد هو العقل والعلم بما يصلحه والصلاح في المال {فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} يعني التي تحت أيديكم أيها الأولياء عليهم {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} أي لا تأكلوها إسرافاً على غير ما أباح الله لكم، وأصل الإسراف تجاوز الحد المباح أي ما ليس بمباح فربما كان ذلك في الإفراط فيها وربما كان ذلك في التقصير عنه أنه إذا كان في الإفراط فاللغة المستعملة أسرف إسرافاً، وإذا كان في التقصير قيل سرف يسرف.

  وبداراً أن يكبروا وهو أن يأكل مال اليتيم مبادرة إليه قبل أن يكبر فيأخذ ماله فيحول بين الولي وبين ماله {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} أي يستقرض منه إذا احتاج إليه ثم يرد إذا وجد، ويجوز أن يأكل من بعده ويشرب من رسل ماشيته من غير تعرض لما سوى ذلك من فضة أو ذهب وذلك لقيامه على المال ومراعاته له.

  وسأل أعرابي بعض علمائنا فقال له: إن في حجري أيتاماً وإن لهم إبلاً فماذا يحل لي من ألبانها؟ فقال: إن كنت تبغي ضالتها وتهيأ جربانها وتلوط حوضها وتفرط عليها يوم وردها فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب، ويجوز أن يأخذ الولي إذا كان محتاجاً أجراً معلوماً لخدمته وعلى قدر عمله.

  قوله تعالى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} فيكون بينة في دفع أموالهم {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ٦} يعني شهيداً والثاني كافياً من الشهود.

  قوله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} وسبب