البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[ذكر أقوال الناس في البسملة]

صفحة 19 - الجزء 1

  وكل شكر حمد، وليس كل حمد شكراً فهذا فرق ما بين الحمد والشكر، ولذلك جاز أن يحمد الله نفسه ولم يجز أن يشكرها.

  فأما الفرق بين الحمد والمدح فقد يكون على فعل وغير فعل، وكل حمد مدح وليس كل مدح حمداً، ولهذا جاز أن يمدح الله على صفة بأنه عالم قادر، ولم يجز أن نحمده به لأن العلم والقدرة من صفات ذاته لا من صفات فعله، ويجوز أن يمدح ويحمد بأنه خالق رازق لأن الخلق والرزق من صفات فعله لا من صفات ذاته. ورفع الحمد على الابتداء وخبره لله، وقد يحتمل النصب على المصدر فيقال (الحمدَ لله).

  وأما قوله تعالى: {رَبِّ} فيحتمل أربعة أوجه؛ أحدها: أنه مشتق من المِلْكِ كما يقال: رب الدار أي مالكها.

  والثاني: مشتق من السيد لأن السيد يسمى رباً قال الله ø: {أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا}⁣[يوسف: ٤١]، أي سيده.

  والثالث: أنه المدبر ومنه: {وَالرَّبَّانِيُّونَ}⁣[المائدة: ٤٤]، أي العلماء وسموا بذلك لقيامهم بتدبير الناس، وقيل: ربة البيت لأنها تدبره.

  والقول الرابع: أنه مشتق من التربية، ومنه قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ}⁣[النساء: ٢٣]، وسميت بذلك الربيبة لتربية الزوج لها؛ فإن جعل معنى رب بأنه سيد ومالك كان⁣(⁣١) من صفات الذات وإن جعل من التدبير للخلق والتربية كان من صفات الفعل.

  ومتى أدخلت الألف واللام عليه اختص اللهُ سبحانه به دون عباده، وإن حذفا [منه]⁣(⁣٢) صار مشتركاً بين الله تعالى وبين عباده. وإنما كسر⁣(⁣٣) (رب)


(١) نخ (ح): فهو من صفات ... إلخ.

(٢) زيادة من نخ (هـ).

(٣) نخ (ح): وإن كسرت رب لأنه ... إلخ.