البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة النساء]

صفحة 196 - الجزء 1

  والسوء كلما يسوء من الكبائر قيل لما نزلت هذه الآية {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} شق على المسلمين وبلغت منهم ما شاء الله أن تبلغ ذلك فشكوا إلى رسول الله ÷ قال: «قاربوا وسددوا ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة والشوكة يشاكها».

  قوله تعالى: {... وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} وسبب نزولها أنهم في الجاهلية كانوا لا يورثون النساء والأطفال فلما فرض الله تعالى المواريث في هذه السورة شق ذلك على الناس فسألوا رسول الله ÷ عن ذلك فأنزل الله هذه الآية، وقوله: {اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} أي وترغبون في نكاحهن وأموالهن.

  قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} قيل إن هذه الآية نزلت في رسول الله ÷ حين هم بطلاق سودة ابنة زمعة فجعلت يومها لبعض نساء رسول الله ÷.

  وهي مع ذلك عامة في كل امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضاً، والنشوز الرفع عنها لبغضها والإعراض أن ينصرف عن الميل إليها لموجدة أو أثرة. {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} أي خير من النشوز والإعراض {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} أي أحضرت نفس كل واحد من الرجل والمرأة الشح بحقه قبل صاحبه.

  قوله تعالى: {.. وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ} يعني بقلوبكم ومحبتكم {وَلَوْ حَرَصْتُمْ} أن تعدلوا في المحبة {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} أي تميلوا بأفعالكم فتتبعوها أهواءكم {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} يعني لا أيم ولا ذات زوج.