البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة النساء]

صفحة 200 - الجزء 1

  أي القليل منهم يؤمن.

  قوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} هذا قول اليهود حكى الله عنهم وقوله رسول على زعمه أنه رسول الله {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} وسبب ذلك أن رؤساء اليهود خافوا فتنة عوامهم بأن الله منعهم منه فعمدوا إلى غيره فقتلوه وصلبوه وموهوا على العامة ليزول افتتانهم به.

  {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ} ووجه الاختلاف فيه أن قوماً قالوا هو إله، وقال بعضهم لا بل هو ولد، وقال بعضهم هو شاعر فشكوا {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} أي ما لهم بحاله من علم هل كان رسولاً أو غير رسول إلا اتباع الظن {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ١٥٧} أي ما قتلوه مرة يقيناً كما يقول القائل قتلته علماً أن الرجل هو المسيح أو غيره {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} أي رفعه إلى موضع لا يجرى عليه حكم أحد من العباد فصار رفعه إلى حين لا يجري عليه حكم العباد رفعاً إليه.

  قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} أي ليؤمنن بالمسيح قبل موت المسيح إذا نزل من السماء، ويجوز أن يكون تقدير الكلام قبل موته أي موت الكتابي فإنها ترجع إلى الكتابي بما أنزل الله من الحق وبالمسيح عيسى ابن مريم، وتحتمل وجهاً ثالثاً: إلا ليؤمنن برسول الله ÷ قبل موت الكتابي.

  {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ١٥٩} يعني المسيح شهيداً تكذيب من كذب به وتصديق من صدق به من أهل عصره.

  قوله تعالى: {... يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} وهذا خطاب للنصارى خاصة ولليهود عامة لأن الفريقين غلوا في المسيح فقالت النصارى هو الرب، وقالت اليهود هو لغير رشده، والغلو مجاوزة الحد ومنه