البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة المائدة]

صفحة 204 - الجزء 1

  أن يبعث إليه فنزلت هذه الآية حتى بلغ: {وَلَا ءَامِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} ولم ينسخ من المائدة إلا هذه الآية.

  قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} وهي كلما خرج روحه من غير ذكاة {وَالدَّمُ} منه وهو الخارج مسفوحاً كان أو غير مسفوح حرام كله {وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} وما خالطه من شحم في حكمه وليس بين الأهلي والوحشي فرق {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} أي ما ذبح لغير الله من الأصنام والأوثان وأصله من استهلال الصبي إذا صاح حين يسقط من بطن أمه ومنه إهلال المحرم بالحج والعمرة قال الشاعر:

  يهل بالغرقد ركبانها ... كما الراكب المعتمر

  {وَالْمُنْخَنِقَةُ} هي التي تنخنق بحبل الصائد وغيره حتى تموت {وَالْمَوْقُوذَةُ} هي التي تضرب بالخشب حتى تموت يقال وقذه يقذه وقذاً إذا ضربه حتى أشفى على الهلاك {وَالْمُتَرَدِّيَةُ} التي تسقط من رأس جبل أو بئر حتى تموت {وَالنَّطِيحَةُ} هي الشاة التي تنطحها أخرى فتموت {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} يعني من المنخنقة وما بعدها، وهذا رويناه عن أمير المؤمنين علي #.

  ويحتمل أن يكون عائداً إلى أكل السبع ومأكولة السبع التي تحل بالذكاة وهو أن يكون لها عين تطرف أو ذنب يتحرك.

  {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} أي تطلبوا علم ما قسم أو لم يقسم من رزق أو حاجة بالأزلام وهي أقداح ثلاثة مكتوب على أحدها: أمرني ربي، وعلى الآخر: نهاني ربي، والثالث: غفل لا شيء عليه، وكانوا إذا أرادوا سفراً أو حاجة أو غزواً ضربوا بها واستقسموا فإن خرج أمرني ربي فعلوه، وإن خرج نهاني ربي تركوه، وإن خرج الأبيض أعادوه؛ فنهى الله