[سورة المائدة]
  جنف القوم إذا مالوا وكل أعوج فهو عند العرب أجنف وقد روينا أن أبا واقد الليثي قال: قلنا يار سول الله إنا بأرض تصلنا فيها مخمصة فما يصلح لنا من الميتة؟ قال: «إذا لم تصطبخوا وتعتقبوا فشأنكم بها». وسورة المائدة نزلت في يوم عرفة من حجة الوداع.
  قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} يعني بالطيبات الحلال وإنما سمي الحلال طيباً وإن لم يكن مستلذاً تشبيهاً بما يستلذ {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} يعني وصيد ما علمتم من الجوارح وهي الكواسب من سباع البهائم والطير سميت جوارح لكسب أهلها بها من قولهم فلان جارحة أهله أي كاسبهم ومنه قول الأعشى:
  بني ثعلبة ذات خد متصبح مستمعاً ... يذكر الجارح منها ما اجترح
  أي ما اكتسب، وقوله: {مُكَلِّبِينَ} يعني من الكلاب والتكليب من صفة الجارح من كلب أو غيره ومعناه مضرى على الصيد كما تضرى الكلاب مثل الفهد والصقر وغير ذلك، والتكليب يجري مجرى التعليم والتضرية والأصل في الكلاب ثم يستعار للفظ الغير أي تعلمونهن من طلب الصيد {مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} من التأديب الذي أدبكم وصفات التعليم الذي بين حكمها لكم أي يستسلي إذا سلى ويجيب إذا دعي ويمسك إذا أخذ فإن أكل منه لم يؤكل هذا في جوارح البهائم فأما جوارح الطير فالحكم فيها كالحكم في جوارح البهائم فلا يؤكل ما أكلت.
  وفي سبب نزول هذه الآية قولان أحدهما: ما رويناه عن رسول الله ÷ أنه أتاه جبريل فاستأذن عليه فقال له: «قد أذنا لك، فقال: أجل ولكنا لا ندخل بيت فيه كلب» قال أبو رافع مولى النبي ÷ فأمرني أن أقتل كل كلب في المدينة فقتلت حتى أتيت إلى