البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة المائدة]

صفحة 232 - الجزء 1

  الباء من ربك أي هل تستطيع أن تسأل ربك؛ فمن قرأ بالياء أي هل يستجيب ويطيعك.

  {أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} والمائدة لا تكون مائدة حتى يكون عليها الطعام وهي من قبل خوان {قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ١١٢} وإنما أمرهم بذلك لأن التقوى خير لهم مما سألوا فأدبهم ليتقوا الله في سؤال الأنبياء طلباً لعنتهم فأما استزادة الآيات منهم إن كنتم لهم مؤمنين ومصدقين لهم لأن ما قامت به دلائل صدقهم يغنيهم عن استزادة الآيات.

  قوله تعالى: {قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا} وهذا اعتذار منهم بينوا سبب سؤالهم حين نهوا عنه فقالوا: {نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا} وإنما أرادوا تبركاً بها لا حاجة إليها داعية لأنهم لو كانوا محتاجين لما نهوا عن السؤال {وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا} بأن الله سبحانه وتعالى قد بعثك إلينا نبياً وقد اختارنا لك أعواناً {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} بأنك نبي وأنا لك أعوان وإنما استزادوا بسؤالهم علماً إلى علمهم ويقيناً إلى يقينهم {وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ ١١٣} لك بها عند الله بأنك قد أديت ما بعثك به إلينا.

  قوله تعالى: {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} إنما زيدت الميم في آخر قوله اللهم مثقلة عوضاً من حرف النداء ولم يجز أن يدخل عليه حرف النداء فلا يجوز أن يقال: يا اللهم لأن الميم المعوضة قد أغنت عنه قال الشاعر:

  وما عليك أن تقولي كلما ... سبحت أو هللت يا اللهما

  اردد علينا سجيناً مسلما