البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة المائدة]

صفحة 233 - الجزء 1

  وهذا لضرورة الشعر فسأل عيسى ربه أن ينزل عليهم المائدة التي سألوها وإنما كان السؤال من عيسى # تفضيلاً على الحواريين لأنهم سألوا بعد ظهور آياته ومعجزاته واستحكام معرفتهم به.

  {تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا} أي نتخذ اليوم الذي تنزل فيه عيداً لنا نعظمه ونفخمه نحن ومن بعدنا {وَءَايَةً مِنْكَ} أي علامة من علامات الإعجاز والدلالة على صدق أنبيائك {وَارْزُقْنَا} أي وارزقنا الشكر على ما أنعمت به علينا من إجابتك.

  قوله تعالى: {قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ} فهذا وعد من الله سبحانه وتعالى أجاب به عيسى # كما كان سؤال عيسى # إجابة للحواريين وفي هذا السؤال مثل ضربه الله تعالى لخلقه ينهاهم به عن مسألة الآيات لأنبيائه بعد إقرارهم بنبوته وتصديقهم بمعجزاتهم وقيل إن الله سبحانه وتعالى أنزل المائدة على عيسى # وكان عليها ثمار الجنة وأطعمتها.

  وفي قوله: {عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ١١٥} أي من عالمي زمانهم في العذاب قولان أحدهما: أن يمسخوا قردة، والثاني أنه جنس من العذاب لا يعذب به غيرهم لأنهم كفروا بعد أن رأوا من الآيات ما لم يره غيرهم فكانوا أعظم كفراً فصاروا أعظم عذاباً.

  قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ} ومعنى (إذ) هاهنا بمعنى إذا كما قال أبو النجم:

  ثم جزاك الله عنا إذ جزى ... جنات عدن في السماوات العلى

  وقام الفعل الماضي مقام الفعل المستقبل وهذا جائز في اللغة كما قال: