البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة الأنعام]

صفحة 266 - الجزء 1

  الملق لأنه اجتهاد المفلس⁣(⁣١) في التقرب إلى الغني طمعاً في نائله فقيل إنه الفقر.

  ثم ذكر فساد ما يعتقدون بقوله: {نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} لأن رزق العباد كلهم من كفيل ومكفول على خالقهم، ثم قال: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} وذلك عام في جميع الفواحش سرها وعلانيتها.

  ثم قال: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} والنفوس المحرمة نفس مسلم أو معاهد والحق الذي يقتل ما بينه بقوله ÷: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، وزنا بعد إحصان، وقتل نفس بغير نفس».

  ثم قال: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ} يعني الله تعالى وصى عباده بذلك وصية الله واجبه ثم قال: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ١٥١} أي تعقلون تحريم ذلك وتعلمونه.

  قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} إنما خص مال اليتيم وإن كان مال غيره في التحريم بمثابته لأن الطمع لقلة مراغبته أقوى فكان بالذكر أولى {إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} من تثميره وحفظه إلى أن يكبر فيسلمه منه.

  والأشد في قوله: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} استحاكم قوة الشباب عند نشوه وهو الحكم أو ما كان في معناه وذلك إذا جرت عليه أحكام الحسنات والسيئات.

  ثم قال: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ} يعني بالعدل ليأمر في


(١) الملق (نخ).