البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[تفسير سورة البقرة]

صفحة 29 - الجزء 1

  عليهم فلذلك قال: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ١٢}.

  قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ءَامِنُوا كَمَا ءَامَنَ النَّاسُ} والناس هم أصحاب رسول الله ÷ قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء، والسفهاء جمع سفيه وأصل السفه الخفة مأخوذ من قولهم: ثوب سفيه إذا كان خفيف النسج فسمى خفة الحلم سفهاً قال السموءل:

  نخاف أن يسفه أحلامنا ... فنخمل الدهر مع الخامل

  قوله تعالى: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} فيه قولان أحدهما أنهم رؤساء اليهود، والثاني رؤساؤهم في الكفر الذين يأمرونهم بالتكذيب برسول الله ÷ وفي قوله: {إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} أي مع شياطينهم كما قال: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ}⁣[آل عمران: ٥٢]، أي مع الله، ويقال: خلوت إلى فلان إذا جعلته غايتك في حاجتك.

  وأما الشيطان ففي اشتقاقه ثلاثة أقاويل؛ أحدها: أنه (فيعال) من شطن أي بَعُد ومنه قولهم: نوى شطون أي بعيدة، وشطنت داره أي بعدت وسمي شيطاناً لبعده من الخير وإما لبعد مذهبه في الشر فعلى هذا النون فيه أصلية.

  والقول الثاني: إنه مشتق من شاط يشيط إذا هلك كما قال الشاعر:

  وقد يشيط على أرماحنا البطل

  أي يهلك فهذا تكون النون زائدة. والقول الثالث: أنه (فعلان) من الشيط وهو الاحتراق كأنه سمي بما تؤول إليه حاله وقالوا: إنا معكم على