البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الرعد مدنية

صفحة 406 - الجزء 1

  فجعني البرق والصواعق بالـ ... ـفارس يوم الكريهة النجد

  {وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ} يعني جدال اليهودي حين سأل عن الله من أي شيء هو، وجدال الأربد فيما هم به من قتل رسول الله ÷ {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ١٣} يعني القوة ويحتمل أن يكون المعنى هو شديد الهلاك بالمحل وهو القحط وشديد الانتقام والعقوبة، قال أعشى بني ثعلبة:

  فرع نبع يهش في غصن المجـ ... ـد كثير الندى عظيم المحال

  قوله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ} يعني من الأصنام والأوثان {لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ} يعني لا يستجيبون لهم دعاء ولا يسمعون لهم نداء {إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ} ضرب الله ذلك مثلاً لإياسهم من إجابة دعائهم لأن العرب تضرب لمن يسعى فيما لا يدركه بالقابض الماء باليد كما قال أبو ذهيل:

  فأصبحت مما كان بيني وبينها ... من الود مثل القابض الماء باليد

  وفي معنى هذا المثل ثلاثة أوجه أحدها: أن الذي يدعو إلهاً من دون الله كالضمآن الذي يدعو الماء ليبلغ إلى فيه وما الماء ببالغ إليها.

  والثاني أنه كالضمآن الذي يرى خياله في الماء وقد سقط كفه فيه ليبلغ فاه وما هو ببالغه لكذب ظنه وفساد توهمه. والثالث: أنه كباسط كفيه إلىلماء ليقبض عليه فلا يحصل في كفه منه شيء.

  قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} طوعاً سجود المؤمن وكرهاً سجود المنافق ولأن المنافق دخل في الإسلام