البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الرعد مدنية

صفحة 408 - الجزء 1

  الصغير من الأودية سال بقدر صغره والكبير منها سال بقدر كبره {فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا} والرابي المرتفع وهذا مثل ضربه الله تعالى للحق والباطل فالحق ممثل بالماء الذي يبقى في الأرض فينتفع به والباطل ممثل بالزبد الذي يذهب جفاء لا ينتفع به.

  ثم ضرب مثلاً ثانياً فقال: {وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ} يعني الذهب والفضة ومتاع يعني الصفر والنحاس {زَبَدٌ مِثْلُهُ} يعني أنه إذا سبك بالنار كان له خبث كالزبد الذي على الماء يذهب فلا ينتفع به كالباطل ويبقى صفوة فينتفع به كالحق والجفاء الجافي على وجه الأرض.

  قوله تعالى: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى} معنى الحسنى كالرزق والجاه في الدنيا والجنة والنعيم في الآخرة.

  قوله تعالى: {... وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} الذي أمر الله بوصله النبي ÷ والأئمة من ولده لأن قطيعتهم كفر وضلال، ويحتمل أن تكون الآية عامة في الأرحام وسائر ما أمر الله بوصله {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} فيما أمرهم بوصله {وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ٢١} في تركه.

  قوله تعالى: {وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} يعني يدفعون المنكر بالمعروف وسعة الجهل بالحلم والمعصية بالطاعة والذنب بالتوبة.

  قوله تعالى: {.. سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} من ملازمة الطاعة بمفارقة المعصية {فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ٢٤} يعني فنعم عقبى الجنة من النار.

  قوله تعالى: {... الَّذِينَ ءَامَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} يعني بذكرهم لنعم الله وجميل وعده لهم.

  {الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ٢٩} وطوبى معناه حسنى لهم والعيش الطيب لهم وطوبى من أطيب كما يقال