البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الرعد مدنية

صفحة 409 - الجزء 1

  للأفضل فضلاً.

  قوله تعالى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي} وقيل إن هذه الآية نزلت في قريش يوم الحديبية حين أمر رسول الله ÷ بكتب القضية بينه وبينهم فقال للكاتب: «اكتب: » قالوا: ما ندري ما الرحمن وما نكتب إلا باسمك اللهم فأنزل الله: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} يعني أنه إله واحد وإن اختلفت أسماؤه {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ٣٠} يعني التوبة.

  قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْءَانًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ} وسبب ذلك ما روينا أن كفار قريش قالوا لرسول الله ÷ إن سرك أن نتبعك سير جبالنا تتسع لنا أرضنا فإنها ضيقة وقرب لنا الشام فإنا نتجر إليها وأخرج لنا الموتى من القبور نكلمهم قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْءَانًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} أي أجريت {أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ} أو قربت {أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} أي أحيوا وجواب هذا محذوف وتقديره لكان هذا القرآن، ولكن حذف لما في ظاهر الكلام من الدلالة على مضمر المحذوف.

  ثم قال: {بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا} يعني هو المالك لجميع الأمور الفاعل لما يشاء منها {أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ ءَامَنُوا} بانقطاع طمعهم مما سأله المشركون {أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} يعني هداهم إلى الإيمان ولجواز أن يكون المعنى هداهم إلى الجنة {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ} يعني تقرعهم من العذاب والبلاء {أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ} لتكون عبرة لهم {حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ} في فتح مكة ويحتمل أن يكون يوم القيامة.