البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الرعد مدنية

صفحة 410 - الجزء 1

  قوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} أي ما كسبت من عمل يحفظه عليها فيكون خارجاً مخرج الوعيد {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ} يعني أصناماً جعلوها آلهة {قُلْ سَمُّوهُمْ} يحتمل وجهين أحدهما يسموهم آلهة على وجه التهديد، والثاني: صفوهم ليعلموا أنه لا يجوز أن تكون آلهة {أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ} تخبرونه بما لا يعلم في الأرض إلهاً غيره {أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ} أم بباطن من القول.

  قوله تعالى: {.. مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} أي شبه الجنة {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} أي ثمرها غير منقطع ولذتها في الأفواه باقية.

  قوله تعالى: {وَالَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} يعني اليهود والنصارى فرحوا بما أنزل عليه من تصديق كتبهم {وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ} وهم كفار قريش وفي إنكارهم بعضه وجهان أحدهما: أنهم عرفوا نعت النبي ÷ في كتبهم وأنكروا نبوته. والثاني: أنهم عرفوا صدقه وأنكروا تصديقه.

  قوله تعالى: {.. وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} عنى بالأزواج النساء وبالذرية الأولاد وفيه وجهان أحدهما: معنى أن من أرسلنا من قبلك من الرسل بشر لهم أزواج وذرية كسائر البشر فلم أنكروا إرسالك وأنت مثل من قبلك.

  والثاني: أنه نهاه من التبتل وقيل إن اليهود عابت على النبي ÷ الأزواج فأنزل الله تعالى فيهم يعلمهم أن ذلك سنة الرسل قبله {وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} قيل إن مشركي قريش سألوه آيات قد تقدم ذكرها فأنزل الله تعالى فيه: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ٣٨} يعني لكل كتاب نزل من السماء أجل وهو في المقدم والمؤخر