سورة بني إسرائيل
  وأسرى به مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قال الإمام الناصر لدين الله #: ليس ينكر المعراج إلا من ينكر ويدفع معجزات الأنبياء $ وكراماتهم وليس العروج برسول الله ÷ إلى السماء إلا ليشاهد ما خلق الله ø من بديع الخلق ومحكم الصنع بأعظم مما ظهر على يديه من الآيات والمعجزات والشواهد الصادقة كالقرآن وتكليم الشجرة وتسبيح الحصى إلى غير ذلك مما خصه الله تعالى به من الآيات ثم مع ذلك فإن أهل الإسلام مجمعون على أن عيسى # رفعه الله تعالى إلى السماء وأن محمداً ÷ أفضل منه وأعظم قدراً عند الله منه فما بالهم يجيزون رفع عيسى # إلى السماء ويمنعون هذه الفضيلة من النبي ÷، وما يجحد المعراج إلا قليل التدبير والمعرفة بمراتب الأنبياء والمرسلين.
  وعندنا أنه أسري بجسمه وروحه وأنه دخل بيت المقدس وصلى فيه ثم عرج به منه وخرج إلى المسجد الحرام وصلى فيه صلاة الصبح من صبيحة ليلته ثم إن المشركين كذبوا بذلك وجعلوا يسألونه عن بيت المقدس وما رأى في طريقه فوصفه لهم ثم ذكر لهم صفة إبل كانت لهم في طريق الشام تحمل متاعاً وأنها تقدم يوم كذا مع طلوع الشمس يقدمها جمل أورق فخرجوا في ذلك اليوم يستقبلونها فقال قائلهم: هذه والله الشمس قد شرقت ولم تأت وقال آخر: هذه والله العير يقدمها جمل أورق كما قال محمد ÷، وفي هذا دليل على إسرائه بجسمه وروحه.
  وقوله: {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} يعني بيت المقدس وهو مسجد سليمان بن داود # سمي الأقصى لبعد ما بينه وبين المسجد الحرام.
  ثم قال: {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} يعني بمن جعله حوله من الأنبياء والأوصياء وما خص أهله به من الثمار ومجاري الأنهار {لِنُرِيَهُ مِنْ ءَايَاتِنَا}