البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الكهف

صفحة 466 - الجزء 1

  قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ} أي أظهرنا أهل بلدهم عليهم {لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} وقيام الساعة وإعادة الخلق حق لأن من أنامهم كالموتى هذه المدة الخارجة عن العادة ثم أيقظهم أحياء قادر على إحياء من أماته وأقبره.

  {إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ} وذلك أنهم لما بعثوا أحدهم بورقهم إلى المدينة ليأتيهم برزق منها وطعام استنكروا شخصه واستنكرت ورقه لبعد العهد فأحضر إلى الملك وكان صالحاً قد آمن ومن معه فلما نظر قال: لعل هذا من الفتية الذين خرجوا على عهد دقيانوس الملك فقد كنت أدعو الله أن يرينيهم وسأل الفتى فأخبره فانطلق هو والناس معه فلما دنوا من الكهف وسمع الفتية كلامهم خافوهم ووصى بعضهم بعضاً بدينهم فلما دخلوا عليهم أماتهم الله ميتة الحق فحينئذ كان التنازع الذي ذكره الله تعالى فيهم وكان تنازعهم في دفنهم أو في أن يبنى عليهم مسجداً.

  وقيل: إن الملك هم أن يدفنهم في تابوت من ذهب فأتاه آت منهم في المنام فقال: أردت أن تجعلنا في تابوت من ذهب فلا تفعل فإنا من التراب خلقنا وإلى التراب نعود.

  قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ} في المخلوقين والذي اختلف فيهم أهل الكتاب بعد طول العهد لهم وقوله: {رَجْمًا بِالْغَيْبِ} أي قذفاً بالظن كما قال زهير:

  وما هو عنها بالحديث المرجم

  {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ} قال الإمام الناصر لدين الله أبو الفتح بن